اسم الکتاب : أنوار النبي(ص) أسرارها و أنواعها المؤلف : المرسي، عبد الحق بن سبعين الجزء : 1 صفحة : 250
نبينا أفضل بالإطباق* * * من كل مخلوق على الإطلاق
فهذه أقوال أربعة، و هي وقفنا عليها لساداتنا العلماء (رضوان اللّه عليهم) في هذه المسألة، و الأخير منها و هو الوقف أحوط و أورع و أسلم، و الثالث بالتوسط أحسن و أبين و أقوم، و الثاني بعدم الإحاطة لأحد إلا للّه تعالى أجرى على ظواهر أكثر النصوص الشرعية و أوفق، بقاعدة سد الذرائع المرعية، و الرابع بالإحاطة محتمل لوجوه:
أحدها: أن يريد قائله الإحاطة الحقيقية الكلية في كل شيء حتى في الذات العلية، و هذا هو محط التهويل و الإنكار، و محل اختلاف الأذهان و الأفكار.
الثانى: أن يريد به الإحاطة المجازية الإجمالية دون الحقيقة التفصيلية، و هذا يرجع للقول الثالث.
الثالث: أن يريد به الإحاطة الإضافية باعتبار نوع أو جنس من الأجناس الكونية، إلا أنه لم يقع منه له بيان اتكالا على الأذهان، و لا بدّ حينئذ من معرفته؛ ليقع الحكم بحسبه على كليته، و إلا فهو كلام مجهول، لا يرجع منه إلى شيء محصول، و لكل أناس مشربهم، و كل و ما اختار بحسب ما أودعه اللّه في قلبه من الأنوار.
قال تعالى: كُلًّا نُمِدُّ هؤُلاءِ وَ هَؤُلاءِ مِنْ عَطاءِ رَبِّكَ وَ ما كانَ عَطاءُ رَبِّكَ مَحْظُوراً [الإسراء: 20].
و قد بقي في المسألة قول آخر خامس لم يذكره أهل الظاهر، و ذكره جماعة من الأفراد الأكابر، و هو أن علمه (صلى اللّه عليه و سلّم) يحيط بجميع المكنونات، و سائر ما أوجده اللّه من الذوات، فالذوات من الأزل إلى الأبد عرشا و فرشا و ما فوقهما و ما تحتهما و ما بينهما لا يشذ عن علمه شيء من ذلك، و لا ما يعرض له من ابتدائه إلى انتهائه، و أما الذات العلية و أوصافها و أسماؤها فما حصل له (صلى اللّه عليه و سلّم) من العلم بها لم يحصل لبشر و لا مخلوق سواه، و لم يشم أكابر الأنبياء و الرسل و المقربون من الملائكة رائحته، فضلا عمن دونهم.
و أما معرفة كنهها أو الإحاطة بها أو بشيء مما لها فليست لأحد أصلا، و لا مطمع لمخلوق فيها بوجه من الوجوه، و لا باعتبار من الاعتبارات، لا في الدنيا و لا في الآخرة،
اسم الکتاب : أنوار النبي(ص) أسرارها و أنواعها المؤلف : المرسي، عبد الحق بن سبعين الجزء : 1 صفحة : 250