responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أصول الفقه مع تعليق زارعي السبزواري المؤلف : المظفر، الشيخ محمد رضا    الجزء : 1  صفحة : 447

إلى صدقه و يأمنون كذبه، و على اعتمادهم في تبليغ مقاصدهم على الثقات. و هذه السيرة العمليّة جارية حتى في الأوامر الصادرة من ملوكهم، و حكّامهم، و ذوي الأمر منهم.

و سرّ هذه السيرة أنّ الاحتمالات الضعيفة المقابلة ملغاة بنظرهم لا يعتنون بها، فلا يلتفتون إلى احتمال تعمّد الكذب من الثقة، كما لا يلتفتون إلى احتمال خطئه، و اشتباهه، أو غفلته.

و كذلك أخذهم بظواهر الكلام و ظواهر الأفعال؛ فإنّ بناءهم العمليّ على إلغاء الاحتمالات الضعيفة المقابلة. و ذلك من كلّ ملّة و نحلة. (1)

و على هذه السيرة العمليّة قامت معايش الناس، و انتظمت حياة البشر، و لولاها لاختلّ نظامهم الاجتماعيّ، و لسادهم (2) الاضطراب؛ لقلّة ما يوجب العلم القطعيّ من الأخبار المتعارفة، سندا و متنا.

و المسلمون بالخصوص- كسائر الناس- جرت سيرتهم العمليّة على مثل ذلك في استفادة الأحكام الشرعيّة من القديم إلى يومنا هذا؛ لأنّهم متّحدو المسلك و الطريقة مع سائر البشر، كما جرت سيرتهم بما هم عقلاء على ذلك في غير الأحكام الشرعيّة. أ لا ترى هل كان يتوقّف المسلمون في أخذ أحكامهم الدينيّة من أصحاب النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) أو من أصحاب الأئمّة (عليهم السّلام) الموثوقين عندهم؟ و هل ترى يتوقّف المقلّدون اليوم و قبل اليوم في العمل بما يخبرهم الثقات عن رأي المجتهد الذي يرجعون إليه؟ و هل ترى تتوقّف الزوجة في العمل بما يحكيه لها زوجها- الذي تطمئنّ إلى خبره- عن رأي المجتهد في المسائل التي تخصّها، كالحيض مثلا؟

و إذا ثبتت سيرة العقلاء من الناس بما فيهم المسلمون على الأخذ بخبر الواحد الثقة- فإنّ الشارع المقدّس متّحد المسلك معهم؛ لأنّه منهم، بل هو رئيسهم- فلا بدّ أن نعلم بأنّه (3) متّخذ لهذه الطريقة العقلائيّة، كسائر الناس ما دام أنّه لم يثبت لنا أنّ له في تبليغ الأحكام‌


[1]. النحلة و النحلة: المذهب و الديانة.

[2]. أي: لتسلّط عليهم.

[3]. أي الشارع.

اسم الکتاب : أصول الفقه مع تعليق زارعي السبزواري المؤلف : المظفر، الشيخ محمد رضا    الجزء : 1  صفحة : 447
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست