اسم الکتاب : أصول الفقه مع تعليق زارعي السبزواري المؤلف : المظفر، الشيخ محمد رضا الجزء : 1 صفحة : 430
و الثاني: بمعنى الظهور عليه- يعني العلم به و استكشافه، أو التصدّي للعلم به و طلبه- فيكون فعلها متعدّيا، فتقول: «تبيّنت الشيء» إذا علمته، أو إذا تصدّيت للعلم به و طلبته.
و على المعنى الثاني- و هو التصدّي للعلم به- يتضمّن معنى التثبّت فيه (1) و التأنّي فيه لكشفه و إظهاره و العلم به. و منه قوله (تعالى) في سورة النساء: إِذا ضَرَبْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَتَبَيَّنُوا (2)؛ و من أجل هذا قرئ بدل فَتَبَيَّنُوا: «فتثبّتوا». و منه كذلك هذه الآية التي نحن بصددها إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا ...، و كذلك قرئ فيها «فتثبّتوا» (3)، فإنّ هذه القراءة ممّا تدلّ على أنّ المعنيين- و هما التبيّن و التثبّت- متقاربان.
2. أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ، يظهر من كثير من التفاسير أنّ هذا المقطع من الآية كلام مستأنف، جاء لتعليل وجوب التبيّن (4). و تبعهم على ذلك بعض الأصوليّين الذين بحثوا [عن] هذه الآية هنا (5).
و لأجل ذلك قدّروا لكلمة فَتَبَيَّنُوا مفعولا، فقالوا- مثلا-: «معناه: فتبيّنوا صدقه من كذبه»، (6) كما قدّروا لتحقيق نظم الآية و ربطها- لتصلح هذه الفقرة أن تكون تعليلا- كلمة تدلّ على التعليل، بأن قالوا: «معناها: خشية أن تصيبوا قوما بجهالة، أو حذرا أن تصيبوا، أو لئلّا تصيبوا قوما ...» و نحو ذلك (7).
و هذه التقديرات كلّها تكلّف و تمحّل، لا تساعد عليها قرينة و لا قاعدة عربيّة. و من العجيب أن يؤخذ ذلك بنظر الاعتبار و يرسل إرسال المسلّمات.
و الذي أرجّحه أنّ مقتضى سياق الكلام و الاتّساق مع أصول القواعد العربيّة أن يكون