responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أصول الفقه مع تعليق زارعي السبزواري المؤلف : المظفر، الشيخ محمد رضا    الجزء : 1  صفحة : 41

من الواضح أنّ الانسباق لا يحصل من اللفظ إلى معناه- في أيّة لغة- لغير العالم بتلك اللغة، فيتوقّف التبادر على العلم بالوضع، فلو أردنا إثبات الحقيقة و تحصيل العلم بالوضع بسبب التبادر، لزم الدور المحال، فلا يعقل- على هذا- أن يكون التبادر علامة للحقيقة يستفاد منه العلم بالوضع، و المفروض أنّه مستفاد من العلم بالوضع.

و الجواب: أنّ كلّ فرد من أيّة أمّة يعيش معها لا بدّ أن يستعمل الألفاظ المتداولة عندها تبعا لها، و لا بدّ أن يرتكز في ذهنه معنى اللفظ ارتكازا يستوجب انسباق ذهنه إلى المعنى عند سماع اللفظ، و قد يكون ذلك الارتكاز من دون التفات تفصيليّ إليه و إلى خصوصيّات المعنى، فإذا أراد الإنسان معرفة المعنى و تلك الخصوصيّات و توجّهت نفسه إليه فإنّه يفتّش عمّا هو مرتكز في نفسه من المعنى، فينظر إليه مستقلّا عن القرينة، فيرى أنّ المتبادر من اللفظ الخاصّ ما هو من معناه الارتكازيّ، فيعرف أنّه حقيقة فيه.

فالعلم بالوضع لمعنى خاصّ بخصوصيّاته التفصيليّة- أي الالتفات التفصيليّ إلى الوضع و التوجّه إليه- يتوقّف على التبادر، و التبادر إنّما هو موقوف على العلم الارتكازيّ بوضع اللفظ لمعناه غير الملتفت إليه.

و الحاصل أنّ هناك علمين: أحدهما يتوقّف على التبادر و هو العلم التفصيليّ، و الآخر يتوقّف التبادر عليه و هو العلم الإجماليّ الارتكازيّ (1).

هذا الجواب بالقياس إلى العالم بالوضع، و أمّا بالقياس إلى غير العالم به فلا يعقل حصول التبادر عنده؛ لفرض جهله باللغة. نعم، يكون التبادر أمارة على الحقيقة عنده إذا شاهد التبادر عند أهل اللغة، يعني أنّ الأمارة عنده تبادر غيره من أهل اللغة. مثلا إذا شاهد الأعجميّ من أصحاب اللغة العربيّة انسباق أذهانهم من لفظ «الماء» المجرّد عن القرينة إلى الجسم السائل البارد بالطبع فلا بدّ أن يحصل له العلم بأنّ هذا اللفظ موضوع‌


[1]. قيّده بالارتكازيّ؛ لأنّ العلم الإجماليّ قد يطلق و يراد به ما كان متعلّقه مردّدا بين أمرين فصاعدا، قبال العلم التفصيليّ بأمر معيّن، و قد يطلق و يراد به ما يكون مرتكزا و مكنونا في خزانة النفس من دون التفات تفصيليّ إليه، و هذا هو المراد في المقام.

اسم الکتاب : أصول الفقه مع تعليق زارعي السبزواري المؤلف : المظفر، الشيخ محمد رضا    الجزء : 1  صفحة : 41
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست