responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أصول الفقه مع تعليق زارعي السبزواري المؤلف : المظفر، الشيخ محمد رضا    الجزء : 1  صفحة : 405

15. الحجّيّة أمر اعتباريّ أو انتزاعيّ؟

من الأمور التي وقعت موضع البحث أيضا عند المتأخّرين مسألة أنّ الحجّيّة هل هي من الأمور الاعتباريّة المجعولة بنفسها و ذاتها، أو أنّها من الانتزاعيّات التي تنتزع من المجعولات؟

و هذا النزاع في الحجّيّة فرع- في الحقيقة- على النزاع في أصل الأحكام الوضعيّة.

و هذا النزاع في خصوص الحجّيّة- على الأقلّ- لم أجد له ثمرة عمليّة في الأصول.

على أنّ هذا النزاع في أصله غير محقّق، و لا مفهوم له؛ لأنّ لكلمتي: «الاعتباريّة» و «الانتزاعيّة» مصطلحات كثيرة، في بعضها تكون الكلمتان متقابلتين، و في البعض الآخر متداخلتين. و تفصيل ذلك يخرجنا عن وضع الرسالة. (1)

و نكتفي أن نقول- على سبيل الاختصار-: إنّ الذي يظهر من أكثر كلمات المتنازعين في المسألة أنّ المراد من الأمر الانتزاعيّ هو المجعول ثانيا و بالعرض في مقابل المجعول أوّلا و بالذات، بمعنى أنّ الإيجاد و الجعل الاعتباريّ ينسب أوّلا و بالذات إلى شي‌ء هو المجعول حقيقة، ثمّ ينسب الجعل ثانيا و بالعرض إلى شي‌ء آخر، فالمجعول الأوّل هو الأمر الاعتباريّ، و الثاني هو الأمر الانتزاعيّ، فيكون هناك جعل واحد ينسب إلى الأوّل بالذات، و إلى الثاني بالعرض، لا أنّه هناك جعلان و اعتباران ينسب أحدهما إلى شي‌ء ابتداء و ينسب ثانيهما إلى آخر بتبع الأوّل؛ فإنّ هذا ليس مراد المتنازعين قطعا.

فيقال في الملكيّة مثلا- التي هي من جملة موارد النزاع-: إنّ المجعول أوّلا و بالذات هو إباحة تصرّف الشخص بالشي‌ء المملوك، فينتزع منها أنّه مالك- أي إنّ الجعل ينسب ثانيا و بالعرض إلى الملكيّة-. فالملكيّة يقال لها: «إنّها مجعولة بالعرض». و يقال لها: «إنّها منتزعة من الإباحة». هذا إذا قيل: «إنّ الملكية انتزاعيّة»، أمّا: إذا قيل: «إنّها اعتبارية» فتكون عندهم هي المجعولة أوّلا و بالذات للشارع أو العرف.

و على هذا، فإذا أريد من الانتزاعيّ هذا المعنى فالحقّ أنّ الحجّيّة أمر اعتباريّ، و كذلك‌


[1]. و إن شئت فراجع فوائد الأصول 4: 380- 382؛ مصباح الأصول 3: 79.

اسم الکتاب : أصول الفقه مع تعليق زارعي السبزواري المؤلف : المظفر، الشيخ محمد رضا    الجزء : 1  صفحة : 405
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست