اسم الکتاب : أصول الفقه مع تعليق زارعي السبزواري المؤلف : المظفر، الشيخ محمد رضا الجزء : 1 صفحة : 316
صحّة العبادة على الأمر بها- كما هو المعروف عن الشيخ صاحب الجواهر (قدّس سرّه) (1)-، فإنّ أعمالهم هذه كلّها باطلة و لا يستحقّون عليها ثوابا؛ لأنّه إمّا منهيّ عنها و النهي يقتضي الفساد، و إمّا لا أمر بها و صحّتها تتوقّف على الأمر.
فهل هناك طريقة لتصحيح فعل المهمّ العباديّ مع وجود الأمر بالأهمّ؟
ذهب جماعة إلى تصحيح العبادة في المهمّ بنحو «الترتّب» بين الأمرين: الأمر بالأهمّ و الأمر بالمهمّ، مع فرض القول بعدم النهي عن الضدّ و أنّ صحّة العبادة تتوقّف على وجود الأمر. (2)
و الظاهر أنّ أوّل من أسّس هذه الفكرة، و تنبّه لها المحقّق الثاني، و شيّد أركانها السيّد الميرزا الشيرازيّ، كما أحكمها (3) و نقّحها شيخنا المحقّق النائينيّ (قدّس سرّه) (4).
و هذه الفكرة و تحقيقها من أروع (5) ما انتهى إليه البحث الأصوليّ تصويرا و عمقا.
و خلاصة فكرة «الترتّب» أنّه لا مانع عقلا من أن يكون الأمر بالمهمّ فعليّا عند عصيان الأمر بالأهمّ، فإذا عصى المكلّف و ترك الأهمّ فلا محذور في أن يفرض الأمر بالمهمّ حينئذ؛ إذ لا يلزم منه طلب الجمع بين الضدّين، كما سيأتي توضيحه. (6)
و إذا لم يكن مانع عقليّ من هذا الترتّب؛ فإنّ الدليل يساعد على وقوعه، و الدليل هو نفس الدليلين المتضمّنين للأمر بالمهمّ و الأمر بالأهمّ، و هما كافيان لإثبات وقوع الترتّب.
و عليه، ففكرة الترتّب و تصحيحها يتوقّف على شيئين رئيسين في الباب: أحدهما:
إمكان الترتّب في نفسه. و ثانيهما: الدليل على وقوعه.
أمّا الأوّل:- و هو إمكانه في نفسه- فبيانه أنّ أقصى ما يقال في إبطال الترتّب و
[2]. أمّا نحن- الذين نقول بأنّ صحّة العبادة لا تتوقّف على وجود الأمر فعلا و أنّ الأمر بالشيء لا يقتضي النهي عن ضدّه- ففي غنى عن القول بالترتّب لتصحيح العبادة في مقام المزاحمة بين الضدّين الأهمّ و المهمّ، كما تقدّم.- منه (رحمه اللّه)-.