اسم الکتاب : أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام و الرواة عنه المؤلف : الأميني، محمد هادي الجزء : 1 صفحة : 184
المصاحف على أطراف القنا.
فربطت المصاحف فأول ما ربط مصحف دمشق الأعظم، ربط على خمسة أرماح، يحملها خمسة رجال ثم ربطوا سائر المصاحف في جميع ما كان معهم، و أقبلوا في الغلس و نظر أهل العراق إلى أهل الشام، قد أقبلوا و أمامهم شبيه بالرايات فلم يدروا ما هو، حتّى أضاء الصبح فنظروا فإذا هي المصاحف.
ثم قام الفضل بن أدهم أمام القلب، و شريح الجذامي أمام الميمنة، و ورقاء بن المعمر أمام الميسرة، فنادوا: (يا معشر العرب اللّه اللّه في نسائكم و أولادكم من فارس و الروم غدا فقد فنيتم. هذا كتاب اللّه بيننا و بينكم). فقال علي (رضي اللّه عنه): ما الكتاب تريدون، و لكن المكر تحاولون ...
و أقبل أبو الأعور السلمي على برذون أشهب و على رأسه مصحف و هو ينادي: «يا أهل العراق هذا كتاب اللّه حكم فيما بيننا و بينكم».
فلما سمع أهل العراق ذلك قام كردوس بن هانئ البكري، فقال: يا أهل العراق لا يهدئكم ما ترون من رفع هذه المصاحف فإنّها مكيدة ... ثم تكلم سفيان بن ثور البكري، فقال: أيّها الناس إنّا قد كنا بدأنا بدعاء أهل الشام إلى كتاب اللّه فردوا علينا، فاستحللنا قتالهم فإن رددناه عليهم حلّ لهم قتالنا و لسنا نخاف أن يحيف اللّه علينا و لا رسوله.
ثم قام خالد بن المعمر، فقال لعلي: يا أمير المؤمنين، ما البقاء إلا فيما دعا القوم إليه إن رأيته، و إن لم تره فرأيك أفضل ثم تكلم الحضين بن المنذر، فقال: أيّها الناس إنّ لنا داعيا قد حمدنا ورده و صدره و هو المأمون على ما فعل فإن قال لا، قلنا: لا، و إن قال: نعم، قلنا: نعم ...
فتكلم عليّ (عليه السلام)، و قال: «عباد اللّه أنا أحرى من أجاب إلى كتاب اللّه و كذلك أنتم، غير أنّ القوم ليس يريدون بذلك إلّا المكر و قد عضتهم الحرب، و اللّه لقد رفعوها و ما رأيهم العمل بها، و ليس يسعنى مع ذلك أن أدعى إلى كتاب اللّه فابى، و كيف و إنّما قاتلناهم ليدينوا بحكمه».