responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام و الرواة عنه المؤلف : الأميني، محمد هادي    الجزء : 1  صفحة : 104

هذا كله. أخبرني ما لك لم تضحك قط؟ قال سعيد: لم أر شيئا يضحكني، و كيف يضحك مخلوق من طين، و الطين تأكله النار، و منقلبه إلى الجزاء، و اليوم يصبح و يمسي في الابتلاء.

قال الحجاج: فأنا أضحك، فقال سعيد: كذلك خلقنا اللّه أطوارا. قال الحجاج: هل رأيت شيئا من اللهو؟ قال سعيد: لا أعلمه. فدعا الحجاج بالعود و الناي. قال: فلما ضرب بالعود، و نفخ في الناي بكى سعيد. قال الحجاج: ما يبكيك؟ قال سعيد: يا حجاج ذكرتني أمرا عظيما، و اللّه لا شبعت و لا رويت و لا اكتسيت، و لا زلت حزينا لما رأيت. قال الحجاج: و ما كنت رأيت هذا اللهو؟ فقال سعيد: بل هذا و اللّه الحزن يا حجاج، أما هذه النفخة فذكرتني يوم النفخ في الصور، و أما هذا المصران فمن نفس ستحشر معك إلى الحساب، و أما هذا العود فنبت بحق و قطع لغير حق. فقال الحجاج: أنا قاتلك. قال سعيد: قد فرغ من تسبب في موتي. قال الحجاج: أنا أحب إلى اللّه منك؟ قال سعيد: لا يقدم أحد على ربه حتّى يعرف منزلته منه و اللّه بالغيب أعلم.

قال الحجاج: كيف لا أقدم على ربي في مقامي هذا، و أنا مع إمام الجماعة، و أنت مع إمام الفرقة و الفتنة؟ قال سعيد: ما أنا بخارج عن الجماعة، و لا أنا براض عن الفتنة، و لكن قضاء الرب نافذ لا مرد له. قال الحجاج: كيف ترى ما نجمع لأمير المؤمنين؟ قال سعيد: لم أر. فدعا الحجاج بالذهب و الفضة و الكسوة و الجوهر، فوضع بين يديه. قال سعيد:

هذا حسن إن قمت بشرطه. قال الحجاج: و ما شرطه؟ قال سعيد: أن تشتري له بما تجمع الأمن من الفزع الأكبر يوم القيامة، و إلا فإنّ كل مرضعة تذهل عما أرضعت، و يضع كل ذي حمل حمله، و لا ينفعه إلا ما طاب منه.

قال الحجاج: فترى طيبا؟ قال: برأيك جمعته و أنت أعلم بطيبه. قال الحجاج: أ تحب أن لك شيئا منه؟ قال سعيد: لا أحب ما لا يحبه اللّه. قال الحجاج: ويلك. قال سعيد: الويل لمن زحزح عن الجنة فأدخل النار.

قال الحجاج: اذهبوا به فاقتلوه. قال سعيد: إنّي أشهدك يا حجاج أن لا

اسم الکتاب : أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام و الرواة عنه المؤلف : الأميني، محمد هادي    الجزء : 1  صفحة : 104
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست