أشواكه احلقها و صيّره الصفي * * * طهّره للطائف و العواكف
و كون ذي المناسك على المنى * * * أن عذبت أضعافها في ذا المنى
و للطوافين و سعى عد إلى * * * مكّة، ثمّ كيفها قد انجلى
ثمّ إنّ مظاهر هذه القوى الباطنة الأرواح البخاريّة الّتي في بطون الدماغ، فإنّ للدماغ ثلاثة أبطن، و للبطن الأوّل مقدّم هو مظهر الحسّ المشترك و عرشه، و مؤخّر هو مظهر الخيال؛ و للبطن الثاني مقدّم هو مظهر المتخيّلة، و مؤخّر هو مظهر الوهم؛ و مقدّم البطن الثالث مظهر الحافظة، و في مؤخّره ليس قوّة مدركة؛ و جعل اللّه تعالى موضع المتخيّلة مقدّم البطن الثاني ليكون بين الصور و المعاني، سهلة الأخذ منهما، لتركّب الصورة بالصورة، و المعنى بالمعنى، و الصورة بالمعنى.
إذا عرفت القوى المدركة و مواضعها، فسرّ الحلق أنّ الرأس مكان مقدّس (أشواكه احلقها و صيّره الصفي) من النقص و العيب، و (طهّره للطائف) كالخواطر و المدركات النوريّة (و العواكف) كالمخزونات، قال تعالى وَ عَهِدْنٰا إِلىٰ إِبْرٰاهِيمَ وَ إِسْمٰاعِيلَ أَنْ طَهِّرٰا بَيْتِيَ لِلطّٰائِفِينَ وَ الْعٰاكِفِينَ وَ الرُّكَّعِ السُّجُودِ [2/ 125].
(و كون ذي المناسك) الثلاثة (على المنى) وجوبا- فلا يجوز الذبح أو الحلق في غيرها- إشارته و سرّه (أن)- بفتح الهمزة- (عذبت أضعافها) من معركة مراماتي و قتلة نفسي فداء و خدمة بيته و تطهيره (في) نيل (ذا المنى) و الغرض الأقصى.
نبراس في العود إلى مكّة
(و للطوافين) أي طواف الحجّ و طواف النساء (و سعى) بين الصفا و المروة (عد إلى مكّة) من منى في [1] يوم النحر أو من غده، و المتمتّع إذا أخّره إلى ما بعد