و هذه الرحمة كانت جوهرا * * * في جوهر و عرضا في آخرا
و ذاتها لا جوهر و لا عرض * * * فيض مقدّس و نور قد ومض
في كلّ شيء هذه بحسبه * * * و إن تشب نقصا فذا بسببه
فهذه الرحمة رحمانيّة * * * ثمّ الرحيميّة إيمانيّة
و فيء و جماد و حيّ (رحمته، و كلّ عين) ثابت و ماهيّة إمكانية (وسعت حيطته)، قال تعالى وَ رَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ [7/ 156].
(و هذه الرحمة) الواسعة (كانت جوهرا في جوهر) أي في الماهيّة الجوهريّة (و عرضا في آخر) أي في الماهيّات العرضيّة صِبْغَةَ اللّٰهِ وَ مَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّٰهِ صِبْغَةً [2/ 138]، تكثّرت بتكثّر الموضوعات. (و ذاتها لا جوهر و لا عرض) بل (فيض مقدّس) عن النقائص (و نور قد ومض) من اللّٰهُ نُورُ السَّمٰاوٰاتِ وَ الْأَرْضِ [24/ 35] و قال علي (عليه السلام)[1]: «نور يشرق من صبح الأزل فيلوح على هياكل التوحيد آثاره».
(في كلّ شيء هذه) الرحمة الواسعة (بحسبه) أَنْزَلَ مِنَ السَّمٰاءِ مٰاءً فَسٰالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهٰا [13/ 17]. و قد قلت:
قد عمّ رحمته كلّا بما لا قوا * * * في السمّ سمّ و في الترياق ترياق
(و إن تشب نقصا فذا بسببه) أي بسبب الشوب بذلك الشيء الّذي هو الماهيّة، فالخير و الحسن و الفضيلة و البهاء- أينما كانت- من ذلك النور و تلك الرحمة، و الشرّ و النقيصة و القوّة- إن كانت- من الماهيّة المشوبة، بل المنغمرة الفانية فيه.
(فهذه الرحمة) الواسعة كلّ شيء بحسبه (رحمانيّة) شملت العقل و النفس و الطبع و جميع الجواهر و الأعراض و المؤمن و الكافر، (ثمّ الرحيميّة إيمانيّة) أي
[1] في الجواب عن سؤال كميل: ما الحقيقة؟ و قد مضى ذكره في ذكر سر الدفن ص 128.