و تتطور بتطور الحياة و كم كان الفرق بين الحياة في صدر الإسلام و بينها في هذه الأيام فان في هذه الأيام قد صارت استفادة قوانينه و تطبيقها على الحوادث النازلة و الوقائع المتجددة و استنباط الوظائف الدينية في الحياة العملية، و استلهام الأحكام الشرعية منها تحتاج إلى مهارة علمية و مقدرة فنية لانقطاع زمن الوحي و هذا أمر يتجدد بتجدد الحوادث و يختلف باختلاف الافهام و سعة الاطلاع، فكان تطور علم الفقه بتطور الزمن و تجدده بتجدد الأحداث أمراً لازماً لطبيعة موجوديته و لنفس حيويته و ان تمر به أدوار مختلفة منذ نشأته حتى اليوم. و على الفقيه الاطلاع على هذه الأدوار و تاريخ تطورها باختلاف الظروف و الأحوال و تعدد مظاهرها الناتج عن اختلاف المذاهب و الأنظار و تفاوت العقائد و الأفكار، بل يكاد أن يكون من المحتم على من أراد زيادة البصيرة في هذا العلم التعرف بما قطعه هذا العلم من الخطوات و العقبات في مضمار رقيه و تقدمه الذي أبرزه بهذه الصورة في هذه الحياة، فان في ذلك عرضاً للأسس العامة للثقافة الدينية و بياناً لمناهج دراستها العلمية الفقهية و هو ما يزيد الفقيه معرفة و خبرة و اطلاعاً و بصيرة، و الذي حصلناه من بطون الكتب المحررة في هذا الموضوع و استخرجناه من المؤلفات في هذا العلم انه قد مرت بهذا العلم أدوار متعددة.