فجديرٌ بالعاقل أنْ يدرك أنّ جميع ما يزهو به ، ويدفعه على الغرور من مال ، أو علم ، أو جاه ، ونفوذ ، إنّما هي نِعَمٌ وألطافٌ إلهيّة أسداها المنعم الأعظم ، فهي أحرى بالحمد ، وأجدر بالشكر ، منها بالغرور والخُيَلاء .
الجاه بين المدح والذم :
ليس طلب الجاه مذموماً على الإطلاق ، وإنّما هو مختلف باختلاف الغايات والأهداف ، فمن طلبه لغايةٍ مشروعة ، وهدَفٍ سامٍ نبيل ، كنصرة المظلوم ، وعون الضعيف ، ودفع المظالم عن نفسه أو غيره ، فهو الجاه المحبّب المحمود .
ومَن توخّاه للتسلّط على الناس ، والتعالي عليهم ، والتحكّم بهم ، فذلك هو الجاه الرخيص الذميم .
وقد تلتبس الغايات أحياناً في بعض صور الجاه ، كالتصدّي لإمامة الجماعة ، وممارسة توجيه الناس وإرشادهم ، وتسنّم المراكز الروحيّة الهامّة .
فتتمّيز الغايات آنذاك بما يتّصف به ذووها من حسن الإخلاص ، وسموّ الغاية، وحُبّ الخير للناس ، أو يتّسمون بالأنانيّة ، والانتهازيّة ، وهذا مِن صور الغرور الخادعة ، أعاذنا اللّه منها جميعاً .