منها موضوعا، لغةً و عرفاً، و إطلاق الغيبة على إشارة عائشة بيدها للمرأة القصيرة في الحديث النبوي من المجاز [1].
نعم لا فرق في اللفظ بين ما يدل على المكروه صريحا و بين ما يدل عليه كناية و تعريضاً، و لو سلّمنا صدق الغيبة مع إشارة الأخرس أو مع مطلق الإشارة أو مع الكتابة فلا نسلم صدقها مع التحاكي بالأفعال، و لعل من ألحقها بالغيبة أراد الإلحاق الحكمي لا الاسمي و لا ريب فيه، قال في جامع المقاصد (و في حكم القول الإشارة باليد و غيرها (من الجوارح أو) من التحاكي بفعله أو قوله كمشية الأعرج) [2]، و من هنا يظهر لك ما في كلام بعض من عاصرناه من المتأخرين حيث قال: و في رسالة ثاني الشهيدين أنّ في الاصطلاح لها تعريفين:
أحدهما: مشهور، و هو ذكر الإنسان حال غَيبته بما يكره نسبته إليه مما يعد نقصانا في العرف بقصد الانتقاص و الذم.
و الثاني: التنبيه على ما يكره نسبته إليه، قال: و هو أعم من الأول لشمول اللسان و الإشارة و الحكاية و غيرها، و هو أولى لما سيأتي من عدم قصر الغيبة على اللسان.
قلت: قد صرح بذلك غيره أيضاً، و يؤيده ما روي عن عائشة (أنها قالت: دخلت علينا امرأة فلما ولت أومأتُ بيدي أي: قصيرة، فقال (صلّى الله عليه و آله و سلم) اغتبتِها) [3]، بل المعلوم أن حرمتها بالقول باعتبار إفادته السامع ما ينقصه و يعيبه، و تفهيمه ذلك، و حينئذ فيعم الحكم كل ما يفيد ذلك من الكتابة التي هي أحد اللسانين، و الحكاية التي هي أبلغ في التفهيم من القول و التعريض و التلويح و غيرها، بل لعل التعريف الأول أيضا كذلك؛ ضرورة إرادة الأعم من القول بالذكر؛ إذ دعوى أنه بمعنى القول واضحة المنع [4]، انتهى.