اسم الکتاب : الهداية إلى غوامض الكفاية المؤلف : المير سجادي، محمد حسين الجزء : 1 صفحة : 28
الأمر الثاني: الوضع هو نحو اختصاص اللفظ بالمعنى و ارتباط خاص بينهما (1) ناش من تخصيصه به تارة و من كثرة
الأمر الثاني في حقيقة الوضع
(1) قبل التعرض لبيان حقيقة الوضع لا بدّ من تقديم امور:
أحدها: إنّ دلالة اللفظ على المعنى ليست من جهة ارتباط و مناسبة ذاتيين بين اللفظ و المعنى (و إن توهم ذلك)، إذ لو كان بينهما ارتباط ذاتي و مناسبة ذاتيّة فإمّا أن يكون على نحو العليّة التامة و إمّا على نحو الاقتضاء و الأول بديهي البطلان إذ لو كان سماع اللفظ علّة تامة لانتقال الذهن الى المعنى لزم أن يكون كل واحد منهما عالما و محيطا بتمام اللغات، و الثاني ممكن ثبوتا إلّا أنّه لا دليل على إثباته، فتعيّن أنّ الدلالة لا بدّ و أن تكون ناشئة من الوضع، بل لا يعقل أن يكون بينهما مناسبة ذاتية بالنسبة الى الألفاظ المشتركة بين الضدّين.
ثانيها: إنّ الواضع للغات هو الإنسان خلافا لما يظهر من كلام المحقّق النائيني (رحمه اللّه) من أنّ واضع اللغات هو اللّه سبحانه؛ لعدم إمكان وضع الألفاظ من شخص واحد أو جماعة مع كثرة الألفاظ و المعاني على وجه لا يمكن إحاطة البشر بها، فأنّ ذلك كان بوحي منه الى نبيّ من أنبيائه أو بإلهام منه الى البشر أو بإيداع ذلك في طباعهم (1*). و لا بدّ من أن يكون مراده وضع أسماء الأجناس لأنّه لا ريب في أنّ الأعلام الشخصيّة موضوعة من قبل البشر، و للمناقشة فيما أفاده مجال واسع، لأنّ حدوث الوضع بواسطة التعليم الربّاني و عن طريق الوحي مستبعد جدّا، بل هو قريب من المحال إذ لا بد على هذا التوهّم من انتقال
(1*) فوائد الاصول: ج 1 ص 30.
اسم الکتاب : الهداية إلى غوامض الكفاية المؤلف : المير سجادي، محمد حسين الجزء : 1 صفحة : 28