الجهة الاولى امتناع أخذ القطع الطريقيّ في الحكم و وقوعه وسطا للقياس بخلاف الموضوعيّ
الفرق بينهما عدم دخل الأوّل في الحكم؛ لترتّبه على ما هو الموضوع له واقعا بلا دخل شيء فيه، و دخل الثاني فيه [1] وجودا و عدما، مثل قول الشارع الأقدس:
«إذا قطعت بوجوب صلاة الجمعة يجب عليك التصدّق» و «إذا قطعت بخمريّة مائع يجب عليك الاجتناب عنه» و حينئذ فنقول: إنّ صلاة الجمعة التي هي متعلّق القطع و إن لا يجوز [2] إثبات حكمها الوجوبيّ به، إلّا أنّ إثبات الحكم الآخر لها الذي لم يتعلّق به القطع- و هو وجوب التصدّق- فلا منع و لا محذور فيه أصلا، و عليه فعند ترتيب القياس يقال: «إنّ زيدا مثلا قطع بوجوب صلاة الجمعة، و كلّ من قطع بوجوبها يجب عليه التصدّق، فزيد يجب عليه التصدّق»، و أيضا نقول:
المائع المعيّن الذي هو متعلّق القطع و إن لا يجوز إثبات حكمه التحريميّ به، إلّا أنّ إثبات حكم آخر له الذي لم يتعلّق به القطع- و هو وجوب الاجتناب- فلا منع فيه، و عليه فعند ترتيب القياس يقال: «إنّ زيدا مثلا قطع بخمريّة مائع معيّن، و كلّ من قطع بخمريّة مائع معيّن يجب عليه الاجتناب عنه، فزيد يجب عليه الاجتناب عنه» و هذا كلّه سيصرّح به المصنّف (رحمه اللّه) عند قوله: «و أمّا بالنسبة إلى حكم آخر، فيجوز ...».
و لا يخفى أنّ جواز إثبات حكم آخر بالقطع في المثالين المذكورين مبنيّ على
[1] الضمائر في «ترتّبه» و «له» و «فيه» في الموضعين ترجع إلى «الحكم».
[2] لفظة «لا يجوز» هنا و في ما سيأتي معناها «لا يمكن».