و هذه الأدلّة هي التي أقاموها لوجوب الالتزام بكلّ ما أمر به الشارع الأقدس، تعبّديّا كان أو توصّليّا.
أقول: إنّ لهم دليلا آخر سيصرّح المصنّف (رحمه اللّه) به في ما بعد عند قوله: «و يمكن استفادة الحكم أيضا من فحوى أخبار التخيير عند التعارض» [1].
توضيح ذلك: أنّهم قاسوا ما نحن فيه [2] بالخبرين المتعارضين المتكافئين، في وجوب أخذ أحد الخبرين مخيّرا بينهما، بمقتضى الأخبار العلاجيّة التي أصرّ فيها الإمام (عليه السّلام) على عدم جواز طرح كليهما مهما أمكن [3]، فإذا وجب ذلك في الخبرين الظنّيّين اللذين يحتمل عدم صدورهما عن المعصوم أو عدم موافقتهما الواقع معا- كما هو شأن كلّ ما يقع طريقا للحكم- فوجوب أخذ أحدهما و الالتزام به في صورة العلم بموافقة أحد الحكمين للواقع- كالمثال المذكور على ما هو شأن العلم الإجماليّ- يكون بطريق أولى [4].
لا يخفى أنّ الدليل الأخير [5] منهم قد ردّه المصنّف (رحمه اللّه) في مبحث البراءة عند قوله: «و من هنا يبطل قياس ما نحن فيه بصورة تعارض الخبرين ...» [6]، و ردّه