و قتل معه اثنان و سبعون رجلا، و دفنوه أهل الغاضرية من بني أسد، و دفنوا جثث أصحابه بعده بيوم. و سبوا أخواته و بناته و أولادهم، و كان علي بن الحسين الأصغر مريضا، فلما وصلوا مصرعه اشتدّ عويلهم. و احتزوا رؤوس أصحابه و رفعوها معهم على الأسنّة، فلما أحضروا كريمه عند يزيد و كان عنده ولده فنكت ثناياه بالقضيب، و قيل: هو الذي نكتها. فقال له أبو بردة الأسلمي: طالما رأيت رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلّم يقبّلها، و سيأتي يوم القيامة و شفيعه جدّه، و تأتي و شفيعك زياد و الشمر. فأمر بحبسه.
و قالت زينب الصغرى:
ماذا تقولون إن قال النبي لكم * * * ماذا صنعتم و أنتم آخر الأمم
بأهل بيتي و أنصاري و ذي رحمي * * * منهم أسارى و منهم ضرجوا بدم
ما كان هذا جزاي إذ نصحت لكم * * * أن تخلفوني بسوء في ذوي رحمي [2]
و العجب أن يزيد مات عن عشرين غلاما و ليس اليوم من عقبه أحد. و كل العجب أن الحسين (عليه السلام) لم يخلّف سوى زين العابدين و نشر اللّه ذريته [3].
و اتصلت هذه المصيبة بالبلاد فكثر فيها النوح و التعداد. و بكى الحسن البصري حتى اختلج جنبه و قال: وا ذلاه لأمة قتل ابن دعيها ابن نبيها [4].
و رد كريمه إلى دمشق: و دفن في دار الإمارة، و قيل: في المقبرة. و لطمن نساء معاوية و بناته لما رأين كريمه الشريف فأنشد يزيد:
يا صيحة تحمد من صوايح * * * ما أهون الموت على النوايح
[1]- المجدي في أنساب الطالبيين: 292، و نسبه إلى عيسى بن عبد اللّه.
[2]- عيون الأخبار: 1/ 312، تاريخ دمشق: 69/ 178، المعجم الكبير: 3/ 126 2853 و 133 ح 2875، الكامل في التاريخ: 4/ 89.