و رغم انّ المذهب الشيعي اتخذ موقعا رائدا في طرح الفقه و تدوينه و نشره و توسيعه، الّا انّه تأخّر في الاجتهاد بمعناه الحالي، و من غير المعلوم على وجه الدّقة من أين بدأ هذا الاجتهاد بين المسلمين، فقد قيل: أنّ الرسول (ص) كان يجتهد [2]، و لكن هل كان بإمكان المسلمين الاجتهاد في الأحكام الشرعية في زمن النبي (ص) و العمل باجتهادهم؟ الموضوع يحتاج إلى تأمّل و دراسة، ذلك أن بعض العلماء المعاصرين يعتقدون بأنّ باب الاجتهاد فتح منذ عهد الرسول (ص)، بل كان شأنا ضروريا للأمّة. [3]
و جاء في رواية، أنّ النّبي (ص) أجاز معاذ بن جبل بالاجتهاد عند اللزوم، و العمل به. [4] فإذا اعتمدنا الرواية و اعتبرنا أنّها أجازت الاجتهاد، فلا مناص من القبول بأنّ المسلمين كان لهم حقّ الاجتهاد في زمن الرسول (ص) في الحالات الّتي لم ينزل فيها حكم شرعيّ قاطع على أقلّ تقدير. و بعد وفاته (ص) أصبح للاجتهاد في الأحكام الفقهية و الشرعية ضرورة أكيدة للأسباب التي ذكرناها، و أقدم الصحابة و لا سيّما الخلفاء على حلّ المشاكل الفردية و الاجتماعية بالاجتهاد في حال غياب النص من القرآن و السنّة، بل الاجتهاد مقابل النص في بعض الحالات.
و على رغم أنّ حاجة الشيعة إلى الاجتهاد كانت أقلّ، لأنّها لم تتبوّأ مركز القرار و القيادة و الموقع التنفيذي إلّا مدّة قصيرة تمثّلت في خلافة أمير المؤمنين علي (ع) و سنة واحدة في حياة الإمام الحسن (ع) إلّا أنّ