اسم الکتاب : المهدي المنتظر عند الشيعة الإثنى عشرية المؤلف : دودو ابو العيد الجزء : 1 صفحة : 198
و كانت فكرة الرجعة عند القسم الآخر من الشيعة قد جردت عن الشخصية تماما و أصبحت فكرة تتصل بإقامة دولة شيعية دون التفكير في عودة شخص معين لحما و دما. و قد اعترض الشريف المرتضى على هذا الرأي بحدة
93
. و تطورت الرجعة في اتجاه آخر إلى الغيبة، و هو تعبير اتخذ موضوعا لدراسات كثيرة استمرت حتى أيامنا هذه، و يعني هذا التعبير أن الإمام الثاني عشر اختفى و أنه سيرجع. و قد حرص المتكلمون على تناول هذه «الفرضية» منذ سنة 260 هـ شفويا أولا ثم كتابيا أيضا منذ نهاية الغيبة الصغرى. و تراجعت فكرة الرجعة، و أصبحت منذ ذلك الحين موضوعا ثانويا، حتى إن معظم شيعة اليوم يعرفون الغيبة، و لكنهم لا يعرفون شيئا عن الرجعة، لأن الباعث المحرك لها، و هو أخذ الثأر، قد سقط اليوم.
و مع أن الرجعة كانت في القديم عقيدة و عالجها العلماء على هذا الأساس، فلا يمكن اعتبارها عقيدة، خصوصا عند الشيعة في أيامنا هذه.
فهي مجرد تأمل نظري، يستطيع المؤمن أن يؤمن به أولا يؤمن
94
.
كثيرا ما يلاحظ المرء انصهار المفهومين معا الرجعة و الغيبة، حتى إن المرء ليتحدث عن الرجعة عند ما يتناول موضوع الغيبة، فأصبحت الرجعة ملحقة بالغيبة. و الرجعة و الغيبة مرتبطتان زمنيا
95
و قد سبق أن لاحظنا عند حديثنا عن المصادر أن الكثير من الكتب، التي تحمل عنوان الرجعة تعني الغيبة.
نتناول الآن الممثلين الرئيسين للفقه الشيعي، الذي تطور أيام الغيبة الصغرى.