عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنّه قال: «مثله كمثل الساعة لا تأتيكم إلاّ بغتة» .
أقول: و في بعض أخبار الغيبة التي تقدّمت قوله: «يقبل كالشهاب الثاقب» . و في بعض الأخبار الآتية قوله: «يصلحه الله في ليلة» . و ربّما كانت إشارة إلى أنّ ظهوره غير معيّن، و لا يعرفه إلاّ الذي خلقه.
نعم، من الأمور التي ورد التأكيد بها في أخبارنا الكثيرة عدم تعيين وقت لظهوره و إحالته إليه تعالى، حتّى جاء في بعضها: كذب الوقّاتون. أو قوله:
كذب الموقّتون. و غير ذلك. و يمكن أن يقال: إنّ الحكمة في ترك التوقيت و احتمال ظهوره في كلّ زمان، بل في كلّ عام، بل في كلّ شهر، بل في كلّ جمعة، بل كلّ يوم، أمور:
الأوّل: أنّ البدء لله تعالى بالمعنى الصحيح الذي نقول به ثابت. نعم، إن للّه المشيئة في جميع مقدّراته، و ذلك يجوّز التقديم و التأخير و التغيير و التبديل فيها، و زمان ظهوره من الأمور التي يدخلها البدء كما هو صريح في بعض أخبارنا، فلو أخبروا به و عيّنوا له وقتا ثمّ دخله البدء أو شك أن يوجب الشكّ و الريب في الأمر، بل و في حقّ المخبر، و لذا قالوا عليهم السّلام: «ما وقّتنا و لا نوقّت» .
الثاني: أنّ ترك التوقيت و إرجاعه إلى إرادته تعالى و احتمال ظهوره اليوم أو الغد يوجب قهرا شدّة الشوق و الإلحاح في الدعاء في تعجيل ظهوره و قيامه عليه السّلام؛ إذ ربّما كان معلّقا على الدعاء و الإلحاح في الطلب.
الثالث: أنّ زمان ظهوره إذا كان معيّنا و عرف الناس ذلك و لو بعض الخواصّ فلا بدّ من أن يظهر، و يعرفه الخاصّ و العامّ، سيّما مع توفّر الدواعي إلى ذلك، فيستعدّ أعداؤه لقتاله و دفعه أوّل ظهوره، و من الأمور غير الممكنة بحسب العادة أن تكون قواه يوم ظهوره مثل قوى خصمه.
الرابع: أنّ الإمام في كلّ عصر إذا كان آمرا ناهيا هو قطب رحى المسلمين و مدار هيئتهم الاجتماعيّة، و لا ريب أنّ فقده و غيبته توجب وقوف حركة تلك الجمعيّة و لو بعد حين، و علمهم لرجوعه و عوده سيّما مع احتمال قربه يمكنها أن تحفظ جامعتها و تدبّر