الصلاة و السلام، و أمّا بناء على أنّ الفوائد و الآثار المترتّبة على الإمام منحصرة بالقسم الثاني كما يظهر من إخواننا أهل السنّة فنقول:
ربّما يظن بعضهم أنّ المراد بغيبة مولانا المهديّ المنتظر أنّه لا يرى، و لكنّه ظنّ لا حقيقة له، بل المراد من غيبته أنّه لا يعرف بشخصه و عنوانه، و لذا ورد في بعض الأخبار أنّه إذا ظهر قال الناس: إنّا قد رأيناه قبل هذا.
نعم، إنّ المهديّ المنتظر غائب و لكنّه يحضر المجالس و المحافل، و يصاحب المسافر و الحاضر، بل ربّما حضر الموسم أيّام الحجّ، و أحرم و لبّى و طاف و سعى و أتمّ حجّه بزيارة قبر جدّه المعظّم صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و مراقد آبائه الطيّبين سلام اللّه عليهم أجمعين، سيّما في الأوقات الخاصّة، فهو سلام اللّه عليه في الجمعيّة الإسلامية و بينها، و لكنّها لا يعرف.
بل يمكن أن أقول: من الذي أخبر بأنّه لا يمكن الوصول إليه في زمان غيبته الكبرى؟ و هذه الكتب تخبرنا عن جماعة أنّهم شاهدوه و تشرّفوا بخدمته، و لا ينافي ذلك ما ورد من تكذيب مدّعي الرؤية، فإنّ المراد تكذيب مدّعي النيابة الخاصّة بقرينة صدر الرواية.
بل لنا أن نقول: إنّه عليه السّلام أحد أفراد الاجتماع، بل من أهمّ أعضائه العاملين، و يمكنه أن يؤدّي وظيفته و إن لم تجب عليه.
نعم، يمكنه أن يواجه الملوك و الأمراء و السلاطين و الوزراء، و يشير إليهم بما هو الأصلح في حفظ النظام و السلام، و الأحسن في كيفيّة إدارة الأمور اتّبعوا رأيه أو لم يتّبعوا، و يجالس الفقهاء و العلماء و الأدباء و الفضلاء، و يتذاكر معهم في المسائل العلميّة و المعارف الإلهيّة و الإصلاحات الأخلاقيّة و المطالب الأدبيّة، و يرشدهم إلى ما هو الحقّ و الصواب في كلّ باب، أخذوا قوله أو لم يأخذوا، و يلاقي المحدّثين و المؤرّخين و النسّابة و الرجاليّين و يهديهم إلى القول الصحيح و إلى صدق المطالب و صحّة النسبة و عدمها، صدّقوا قوله أو لم يصدّقوا.
و يصاحب المبلّغين و الدعاة و الوعّاظ و الهداة، و يبلّغهم نهج الحقّ و ما هو الأقرب إلى نيل المقصود إعلاء كلمة الإسلام، عملوا به أو لم يعملوا.