أحد أسباب اعتزال الرسل و الأنبياء خوفهم من القتل إبقاء لأنفسهم و رجاء لنشر مبدئهم بعد ذلك قال تعالى: فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمََّا خِفْتُكُمْ[1] . و قوله عز و جلّ إِنَّ اَلْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ[2] ، فاخرج الآية.
نعم، الخوف أحد الأسباب التي دعت موسى بن عمران على نبيّنا و آله و عليه السلام إلى الفرار من مصر، و وروده على شعيب، و أوجبت اعتزال نبيّنا المعظّم صلّى اللّه عليه و آله و سلّم في شعب أبي طالب، و اختفاءه أخيرا في الغار عند ما أرادوا قتله حتّى أذن اللّه له بالهجرة مع صاحبه إلى المدينة المنوّرة.
المهديّ المنتظر مع عدم وجود الأسباب العاديّة لنصرته و تقدّمه في دعوته و قوّة الأعداء يخاف الحبس و الطرد، بل القتل و الصلب، فلا مناص له من الاعتزال و الغيبة حتّى يأتي اللّه تعالى بأمره، إن اللّه قد جعل لكلّ شيء قدرا.
أسئلة حول خوفه عليه السّلام
حول غيبته عليه السّلام خوفا، و في أطراف ما ذكرناه أسئلة لا بأس بالإشارة إليها.
السؤال الأوّل: هلاّ منع اللّه من قتله و حال بينه و بين أعدائه؟
الجواب: المنع الذي لا ينافي التكليف و هو الأمر باتّباعه و نصرته و الانقياد له و النهي عن خلافه و عصيانه قد فعله تعالى، و أمّا الحيلولة بينه و بينهم فإنّه ينافي التكليف، و يبطل الثواب و العقاب، بل ربّما كان في الحيلولة كذلك مفسدة فلا تحصل منه تعالى.
السؤال الثاني: ما باله عليه السّلام لم يبق ظاهرا بين الناس، و لكنّه يعتزل كما فعله آباؤه، و يدفع عنه الخوف بذلك؟