ثم يبتدئ بها الوجع فتمرض، فيبعث اللّه عز و جل إليها مريم بنت عمران تمرّضها و تؤنسها في علتها. فتقول عند ذلك: يا رب، إني قد سئمت الحياة و تبرّمت بأهل الدنيا، فألحقني بأبي. فيلحقها اللّه عز و جل بي، فتكون أول من يلحقني من أهل بيتى؛ فتقدّم عليّ محزونة مكروبة مغمومة مغصوبة مقتولة.
فأقول عند ذلك: اللهم العن من ظلمها و عاقب من غصبها و ذلّل من أذلّها و خلّد في نارك من ضرب جنبها حتى ألقت ولدها. فتقول الملائكة عند ذلك: آمين.
و أما الحسن (عليه السلام)، فإنه ابني و ولدي و بضعة مني و قرة عيني و ضياء قلبي و ثمرة فؤادي، و هو سيد شباب أهل الجنة و حجة اللّه على الأمة؛ أمره أمري و قوله قولي، من تبعه فإنه مني و من عصاه فليس مني، و إني لما نظرت إليه تذكّرت ما يجري عليه من الذلّ بعدي. فلا يزال الأمر به حتى يقتل بالسم ظلما و عدوانا؛ فعند ذلك تبكي الملائكة و السبع الشداد لموته و يبكيه كل شيء حتى الطير في جوّ السماء و الحيتان في جوف الماء. فمن بكاه لم تعم عينه يوم تعمى العيون، و من حزن عليه لم يحزن قلبه يوم تحزن القلوب، و من زاره في بقيعه ثبتت قدمه على الصراط يوم تزلّ فيه الأقدام.
و أما الحسين (عليه السلام)، فإنه مني و هو ابني و ولدي و خير الخلق بعد أخيه، و هو إمام المسلمين و مولى المؤمنين و خليفة رب العالمين و غياث المستغيثين و كهف المستجيرين، و حجّة اللّه على خلقه أجمعين، و هو سيد شباب أهل الجنة و باب نجاة الأمة؛ أمره أمري و طاعته طاعتي، من تبعه فإنه مني و من عصاه فليس مني.
و إني لما رأيته تذكّرت ما يصنع به بعدي؛ كأني به و قد استجار بحرمي و قربي فلا يجار. فأضمّه في منامي إلى صدري و آمره بالرحلة عن دار هجرتي و أبشّره