و شرّع فيه الشرائع، فعمل رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله بكتاب اللّه حتى قبضه اللّه، و قد عرّفنا اللّه الحق من كتابه و سنّة رسول اللّه، أ فحين عرفنا ذلك نرجع على أعقابنا، و قد علمتم سيرة ابن العاص فيكم و قد ردّ إليكم، فمن كان يرى للّه عليه حقّا فليخرج إليه، و نزل.
فخرج الناس من الكوفة بالسلاح و العدة فلقوا سعيد بن العاص بوادي السباع، فلمّا التقوا مع أوائل أصحابه جعلوا يقولون: أين الشقي؟ و يطلبون، فرجع سعيد إلى عثمان فأخبره الخبر فأمره بالمقام، و كتب إلى أهل الكوفة: لكم ما تريدون.
قالوا: تستعمل علينا أبا موسى الأشعري و على المدائن حذيفة، ففعل لهم ذلك و ترضاهم.
[الطريدان]
و منهم الطريدان: فأحد الطريدين الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس، و هو أبو مروان لعنه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و مروان في ظهره، و نفاه إلى الدهلك من أرض الحبشة، فلم يزل منفيّا حياة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و حياة أبي بكر و عمر، فلمّا ولى عثمان ردّه و أعطاه مائة ألف درهم، و كان ذلك من بعض ما نقمه الناس على عثمان [1].
و كان الحكم من أشدّ الناس مباينة بالبغضاء لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله، و جعل يوما يحكي مشيته مستهزأ فابتلى بتخليع أعضائه عقوبة لذلك، و كان منخلع المشية، و في ذلك يقول بعض الشعراء لبني أمية:
لا حجاب و ليس فيكم سوى الكبر * * * و بغض النبي و الشهداء
بين حاكي مخلج و طريد * * * و قتيل بلعن أهل السماء [2]
يعني بالشهداء: عليا و جعفرا و حمزة عليهم السلام، و الحاكي المخلع: الحكم بن