إذا عرفت هذه الأقسام المتصورة العقلية، فنقول: لا نزاع في إمكان الأقسام الثلاثة الأولى، كما لا نزاع في وقوع القسمين الأولين.
و مثال الأول الأعلام الشخصية كمحمد و علي و جعفر، و مثال الثاني أسماء الأجناس كماء و سماء و نجم و إنسان و حيوان.
و إنما النزاع وقع في أمرين: الأول في إمكان القسم الرابع، و الثاني في وقوع الثالث بعد التسليم بإمكانه. و الصحيح عندنا استحالة
فمرادهم من هذا القسم هو أن يتصور الكلي و يجعله حاكيا عن مصاديقه كلها فيضع اللفظ لجميع تلك المصاديق فيكون الموضوع له هو جميع المصاديق لا مصداقا واحدا. و لهذا قال المصنف أن الموضوع له أفراد ذلك الكلي و لم يقل مصداق أو فرد من ذلك الكلي.
قوله (ره) (لا نزاع في امكان الأقسام الثلاثة الأولى ...).
أقول: هذا شروع في المقام الثاني من المقامات الثلاثة للبحث.
فنقول إن الوضع الذي هو الاعتبار أو التعهد هو فعل من الأفعال الاختيارية، و هو ككل فعل يكون ممكنا عند تحقق شروطه، و قد عرفت أن شرط الوضع ليس سوى تصور اللفظ و تصور المعنى، سواء كان التصور تفصيليا أم كان بوجه.
و على هذا الأساس يتضح كيف أجمعوا على جواز الأقسام الثلاثة الأولى، فإن في القسم الأول و الثاني يكون الواضع قد تصور الموضوع له بنفسه. و في القسم الثالث يكون الواضع قد تصور الموضوع له و هو المصاديق بوجهها و عنوانها أعني الكلي الحاكي عنها، فيكون القسم الثالث بمنزلة قضية كل إنسان عالم يكون العالم محمولا على كل فرد فرد من أفراد الإنسان الذي لوحظ بالحمل الشائع.
و إنما وقع النزاع في القسم الرابع، فذهب المشهور إلى استحالته عقلا و ذلك لانتفاء شرط إمكانه، و هو كما عرفت مرارا تصور المعنى الموضوع له، و وجه الانتفاء أن الموضوع له و هو الكلي ليس متصورا بنفسه، كما هو واضح، و لا بوجهه لما هو واضح من أن الجزئي ليس مميزا للكلي و لا