responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحاسن و المساوي المؤلف : البيهقي، ابراهيم    الجزء : 1  صفحة : 419

السّخل غرّ و همّ الذّئب غفلته # و الذّئب يعلم ما بالسّخل من طيب‌

فلمّا قرأ الرشيد الرقعة قال: انظروا أن لا يكون هذا المعلّم لوطيّا انفوه من الدار.

فأخرجوه عن تأديب الأمين و اتّخذ عليه حمّادا، و جعل عليه ثمانين من الرّقباء.

قال: و لمّا وسم قطرب بهذه السّمة القبيحة خاف أن يلحقه بعض ما يكره فهرب إلى الكرج‌ [1] و توسّل إلى أبي دلف و معقل ببراعة الأدب، فلمّا عرفا غزارة فنّه و وقفا على معرفته اصطفياه لأنفسهما و أحلاّه محلا رفيعا و قدّماه على جميع أهل الأدب و أرغدا له في العطيّة، فلمّا رأى قطرب برّهما به و إلطافهما به رغب في المقام بالكرج و أثرى و كثر ماله.

فيقال: إن أصل هذه الآداب التي وقعت بالكرج إلى أبي دلف و معقل من علم قطرب و تصنيفه الكتب. و إنّ المأمون سأل أبا دلف: من خلّفت بالجبل منسوبا إلى الأدب؟قال: ما خلّفت غير قطرب. فقال المأمون: صدقت، إنّ لقطرب لمحلاّ من هذا الشأن.

و عن أبي محمّد اليزيدي قال: كنت أؤدّب المأمون و هو في حجر سعيد الجوهري، فأتيته يوما و هو داخل فوجّهت إليه بعض غلمانه يعلمه بموضعي فأبطأ عليّ ثمّ وجهت إليه آخر فأبطأ، فقلت لسعيد: إن هذا الفتى ربّما تأخّر و تشاغل بالبطالة. قال: أجل و مع هذا إذا تأخّر تعرّم على خدمه و لقوا منه أذى فقوّمه بالأدب. فلمّا خرج أمرت بحمله و ضربته تسع درر، قال: فإنّه ليدلك عينه من أثر البكاء إذ أقبل جعفر بن يحيى فاستأذن و أخذ منديلا فمسح عينيه و جمع ثيابه و قام إلى فراشه و قعد عليه متربّعا ثمّ قال: يدخل. فدخل و قمت عن المجلس و خفت أن يشكوني إليه فألقى منه ما أكره. قال: فأقبل عليه بوجهه و حديثه حتى أضحكه و ضحك. فلمّا همّ بالحركة دعا بدابّته و أمر غلمانه فسعوا بين يديه ثمّ سأل عني فجئت فقال:

خذ ما بقي من حزني. فقلت: أيّها الأمير لقد خفت أن تشكوني إلى جعفر و لو فعلت ذلك لتنكّر لي. قال: إنّا للّه، أ تراني يا أبا محمّد كنت أطمع الرشيد في هذه فكيف جعفرا أطلعه على أني أحتاج إلى أدب؟يغفر اللّه لك، خذ في أمرك فقد خطر ببالك ما لا تراه أبدا و لو عدت في كلّ يوم مرّة.

و كان لسعيد الجوهريّ غلام قد لزّ بالمأمون في الكتّاب فكان إذا احتاج المأمون إلى لوحه بادر إليه فأخذ اللوح من يده فمحاه و غلب على غلمان المأمون و مسحه و جاء به فوضعه على المنديل في حجره، فلمّا سار المأمون إلى خراسان و كان من أخيه ما كان خرج إليه غلام سعيد فوقف بالباب حتى جاء أبو محمّد اليزيديّ فلمّا رآه عرفه فدخل فأخبر المأمون. فقال له


[1] مدينة بين همذان و أصبهان و هي إلى همذان أقرب.

اسم الکتاب : المحاسن و المساوي المؤلف : البيهقي، ابراهيم    الجزء : 1  صفحة : 419
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست