اسم الکتاب : المحاسن و المساوي المؤلف : البيهقي، ابراهيم الجزء : 1 صفحة : 402
إلى شابّ في عنقه زبّيل [1] فيه شيخ كأنّه فرخ فيضعه بين يديه في كلّ ساعة فيزقّه كما يزق الفرخ. فقلت له: ما هذا؟فقال: أبي و قد خرف فأنا أكفله. قلت: فهذا أبرّ العرب. فرجعت و قد رأيت أعقّهم و أبرّهم.
قيل: و كانت الخيزران في خلافة موسى الهادي كثيرا ما تكلّمه في الحوائج فكان يجيبها إلى كلّ ما تسأل، حتى مضت لذلك أربعة أشهر من خلافته فاجتمع الناس إليها و طمعوا فيما قبلها فكانت المواكب تغدو إلى بابها و تروح، قال: فكلّمته يوما في أمر فاعتلّ بعلّة، فقالت:
لا بدّ من إجابتي. قال: لا أفعل. قالت: فإني قد تضمّنت هذه الحاجة لعبد اللّه بن مالك.
قال: فغضب و قال: ويلي عليه ابن الفاعلة قد علمت أنّه صاحبها و اللّه لا قضيتها له!قالت: إذا و اللّه لا أسألك حاجة أبدا. فقال: إذا و اللّه لا أبالي. و حمي و غضب ثمّ قال: مكانك حتى تستوعبي كلامي و اللّه و إلاّ فأنا نفيّ من قرابتي من رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، لئن بلغني أنّه وقف ببابك أحد من قوّادي و خاصّتي و خدمي لأضربنّ عنقه و لأقبضنّ ماله فمن شاء فليلزم ذلك، ما هذه المواكب التي تغدو و تروح إلى بابك في كلّ يوم؟أ ما لك مغزل يشغلك أو مصحف يذكرك أو بيت يصونك؟إيّاك ثمّ إيّاك أن تفتحي بابك لملّيّ و لا ذمّيّ!فانصرفت ما تعقل ما تطأ فلم تنطق عنده بحلوة و لا بمرّة بعد ذلك.
قال يحيى بن الحسن: و حدّثني أبي قال: سمعت خالصة تقول للعبّاس بن الفضل بن الربيع: بعث موسى الهادي إلى أمّه الخيزران بأرزّة فقال: اشتهيتها فأكلتها فكلي منها. قالت خالصة: فقلت: أمسكي حتى ننظر فإني أخاف أن يكون فيها شيء. فأرسل إليها بعد ذلك:
كيف رأيت الأرزّة؟قالت: وجدتها طيّبة. فقال: لم لم تأكلي منها؟و اللّه لو أكلت لقد كنت استرحت منك، فما أفلح خليفة له أمّ!.
قيل: و ضرب إبراهيم بن بهنك العكّي ابنه فذهب الابن فوشى بأبيه إلى الرشيد و ذكر أنّه يريد اغتياله، فدفعه الرشيد إلى ابنه، فقيّده و حبسه في بيت و دعا بأمّهات أولاده فجعل يشرب معهنّ ليغيظ أباه، فاستبطأ الرشيد فدعا به و قال له: إن كذبت على أبيك استرضيناه لك و إن كنت صدقت فلست أرى أفعالك تشاكل أفعال الصادقين. فلمّا انصرف من عنده دخل على أبيه بالسيف فضربه حتى قتله. و لذلك قيل: شرّ المرزئة سوء الخلف.
قال: و لمّا خلع شيرويه بن كسرى أباه و همّ بقتله قال لعظيم من عظماء مرازبته: ادخل على أبينا فاقتله. فانطلق المرزبان حتى دخل على كسرى فأخبره بما أمر به ابنه. فقال له