اسم الکتاب : المحاسن و المساوي المؤلف : البيهقي، ابراهيم الجزء : 1 صفحة : 354
لمّا أجابت صفيرا كان يألفها # من قابس شيّط الوجعاء بالنّار
و قيل: أيضا: هو أجبن من المنزوف ضرطا، و كان من جبنه أنّ نسوة من العرب لم يكن لهنّ رجل فتزوّجت واحدة منهنّ برجل كان ينام إلى الضحى فإذا أتينه بصبوحه قلن له: قمّ فاصطبح، فيقول: لو لعادية تنبّهنني. فقلن: هذه نواصي الخيل. فجعل يقول: الخيل الخيل! و يضرط حتى مات، فضرب به المثل.
قيل: و خرج رهم بن خشرم الهلاليّ و معه أهله و ماله يريد النّقلة من بلد إلى بلد، فلقيه قوم من بني تغلب فدهش و رعب رعبا شديدا فقال: يا بني تغلب شأنكم المال و خلّوا عن الظعينة. فقالوا: رضينا إن ألقيت الرمح. فرجع إليه عقله و قال: أ و معي رمح!و حمل عليهم فقتل منهم رجلا ثمّ صرع آخر و أنشأ يقول:
ردّا على آخرها الأتاليا # إنّ لها بالمشرفيّ حاذيا
ذكّرتني الطّعن و كنت ناسيا
فانهزم الباقون و نجا هو بالمال و الظعينة و مرّ نحو وطنه سالما. قيل: و كان في بني ليث رجل جبان فخرج رهطه و بلغ ذلك ناسا من بني سليم كانوا أعداءهم فلم يشعر الرجل إلاّ بخيل قد أحاطت بهم فذهب يفرّ فلم يجد مفرّا و وجدهم قد أخذوا عليه كلّ وجه، فلمّا رأى ذلك جلس ثمّ أبرز كنانته و أخذ قوسه و قال:
ما علتي و أنا جلد عابل [1] # و القوس من نبع لها بلابل
يرنّ فيها وتر عنابل [2] # إن لا أقاتلكم فأمّي هابل
أ كلّ يوم أنا عنكم ناكل # لا أطعن القوم و لا أقاتل
الموت حقّ و الحياة باطل
فقاتلهم فانهزموا فصار بعد ذلك أشجع قومه.
قيل: و خرج أبو دلامة مع روح بن حاتم إلى بعض الحروب، فلمّا التقى الجمعان قال أبو دلامة لروح: أصلح اللّه الأمير!لو أنّ تحتي فرسا من خيلك و في وسطي ألف دينار لأشجيت أعداءك نجدة و إقداما. فقال روح: ادفعوا إليه ذلك. فدفع إليه فلمّا أخذه أنشأ يقول:
إنّي أعوذ بروح أن يقدّمني # إلى القتال فيشقى بي بنو أسد