اسم الکتاب : المحاسن و المساوي المؤلف : البيهقي، ابراهيم الجزء : 1 صفحة : 352
الموت دقّ يدي!فسمعه الهادي فدعاه فرأى ما به فاستشاط فقال: تفعل هذا بخادمي مع استخفافك بي و قولك لي؟قال: قل له و سله و مره أن يضع يده مرّة على رأسك ليصدقنّ.
ففعل ذلك موسى فصدقه الخادم. فقال: أحسن و اللّه!أنا أشهد أنّه ابن عمّي، لو لم يفعل ذلك لانتفيت منه. و أمر بإطلاقه و وصله بمائة ألف درهم.
قيل: و خطب عليّ بن أبي طالب، رضي اللّه، عنه فقال: تقول قريش جزع ابن أبي طالب من الموت، و اللّه لعليّ آنس بالموت من الطّفل بثدي أمّه. قيل: و لمّا كان في حرب صفّين و الناس في أشدّ ما يكون من الحرب قال عليّ، رضوان اللّه عليه: أ لا ماء فأشتريه؟فأتاه شابّ من بني هاشم بشربة من عسل، فتناوله و قال: يا فتى عسلك هذا طائفيّ. قال: سبحان اللّه!في هذا الوقت تعرف الطائفي من غيره!فقال: إنّه لم يملأ صدر ابن عمّك شيء قطّ.
و حكي عنه، رضوان اللّه عليه، أنّه قال: ما أبالي وقعت في الموت أو وقع الموت عليّ.
حدّثنا الوضّاحيّ عن معمر بن وهيب قال: قال عبد الملك بن مروان عند موته للوليد و هو يبكي عند رأسه: ما هذا البكاء و حنين النساء ثكلتك أمّك!أ لا تتأهّب للخلافة بشدّة سطوتك و قلّة رحمتك لناقض بيعتك و تجريد سيفك للمبدي ذات طويته؟فقال له قصيبة بن ذؤيب: ليس هذا أمر اللّه جلّ و عزّ. فقال: ما كنت لآمر بغيره. ثمّ قال:
بنو الحرب لا نعيا بشيء نريده # و لسنا على ما أحدث الدّهر نجزع
جلاد على ريب الزّمان فلن ترى # على هالك عينا لنا الدّهر تدمع
و أنشدنا غيره في مثله:
و إنّا لقوم ما تفيض دموعنا # على هالك منّا و إن قصم الظّهرا
و لسنا كمن يبكي أخاه بعيرة # فيعصرها من جفن مقلته عصرا
و لكنّنا نشفي الفؤاد بغارة # تلهّب من قطري جوانبه جمرا
و لآخر في مثله:
سقيا و رعيا و إيمانا و مغفرة # للباكيات علينا يوم نرتحل
يبكى علينا و لا نبكي على أحد # لنحن أغلظ أكبادا من الإبل
و لآخر في نحوه:
إذا استلب الخوف الرّجال قلوبها # صبرنا على الموت النّفوس الغواليا
حذار الأحايث التي غبّ يومها # عقدن بأعناق الرّجال المخازيا
و لآخر في مثله:
اسم الکتاب : المحاسن و المساوي المؤلف : البيهقي، ابراهيم الجزء : 1 صفحة : 352