اسم الکتاب : المحاسن و المساوي المؤلف : البيهقي، ابراهيم الجزء : 1 صفحة : 312
إنّ سليمى و اللّه يكلؤها # ضنّت بشيء ما كان يزرؤها
فكان احتجاج القاسم أطيب من لحن بشر.
قال: و كان زياد النبطي شديد اللكنة و كان نحويّا فدعا غلامه ثلاثا فلمّا أجابه قال: فمن لدن دأوتك فقلت لي إلى أن جيتني ما كنت تصنأ، يريد دعوتك و تصنع.
قال: و مرّ ما سرجويه الطبيب بمعاذ بن سعيد فقال: يا ماسرجويه إني أجد في حلقي بححا، قال: هو من عمل بلغم، فلمّا جاوزه قال: تراني لا أحسن أن أقول بلغم، و لكنه قال بالعربيّة فأجبته بخلافه.
و قال ثمامة: بكر أحمد بن أبي خالد يوما يعرض القصص على المأمون فمرّ بقصّة فلان اليزيدي و كان جائعا فصحّف و قال: فلان الثريديّ، فضحك المأمون و قال: يا غلام ثريدة ضخمة لأبي العبّاس فإنّه أصبح جائعا. فخجل أحمد و قال: ما أنا بجائع يا سيّد و لكن صاحب القصّة أحمق وضع على نسّبته ثلاث نقطات كأثافي القدر، قال: دع هذا فالجوع اضطرّك إلى ذكر الثريد و القدر. فجاءوه بصحفة عظيمة كثيرة العراق و الودك فاحتشم أحمد. فقال المأمون: بحياتي عليك إلاّ عدلت نحوها، فوضع القصص و مال إلى الثريد فأكل حتى انتهى، فلمّا فرغ دعا بطشت فغسل يده و رجع إلى القصص فمرّ بقصّة فلان الحمصيّ فقال: فلان الخبيصيّ. فضحك المأمون و قال: يا غلام هات جاما فيه خبيص فإنّ طعام أبي العبّاس كان مثبورا. فخجل أحمد و قال: يا أمير المؤمنين صاحب هذه القصّة أحمق فتح الميم فصارت كأنّها ثنتان. قال: دع عنك هذا فلولا حمقه و حمق صاحبه مت جوعا. فجاءوه بجام فيه خبيص، فأتى عليه و غسل يده و عاد إلى القصص فما أسقط بحرف حتى فرغ.
حدّثنا العبّاس بن جرير قال: كان للمهديّ خصيّ كان به معجبا فضمّ إليه معلّما نحويّا يعلّمه القرآن و كان الخصيّ عجميّا لا يفصح فقال في هل أتى: يوما عبوسا كمتريرا. و قال في الجنّ: نكعد منها مكاعد للسّمع، فقال النحوي:
و لثقل الجبال أهون ممّا # كلّفوني من الخصيّ نجاح
نقّر النّحو حين مرّ بلحييـ # ه فألفيته شديد الجماح
قال في هل أتى فأوجع قلبي # كمتريرا و كدّه بالصّياح
و قال رجل من الصالحين: لئن أعربنا في كلامنا حتى ما نلحن لقد لحنّا في أعمالنا حتى ما نعرب. و أنشد في مثله:
أ ما تراني و أثوابي مقاربة # ليست بخزّ و لا من خزّ كتان
فإنّ في المجد همّاتي و في لغتي # علويّة و لسان غير لحّان
اسم الکتاب : المحاسن و المساوي المؤلف : البيهقي، ابراهيم الجزء : 1 صفحة : 312