اسم الکتاب : المحاسن و المساوي المؤلف : البيهقي، ابراهيم الجزء : 1 صفحة : 294
و قيل: الأدب حياة القلب و لا مصيبة أعظم من الجهل. و أنشدنا الكسرويّ:
عيّ الشّريف يزين منصبه # و ترى الوضيع يزينه أدبه
قال: و سمع بعض الحكماء رجلا يقول: إني غريب. فقال: الغريب من لا أدب له.
و كان يقال: من قعد به حسبه نهض به أدبه.
و قال عليّ بن أبي طالب، رضي اللّه عنه: العلم خير من المال لأن العلم يحرسك و أنت تحرس المال، و المال يبيده الإنفاق، و العلم يزكو على الإنفاق، و العلم حاكم و المال محكوم عليه.
و قيل: لبزرجمهر: الأدب أفضل أم المال؟قال: بل الأدب. قيل له: فما بال الأدباء بباب الأغنياء و لا نرى الأغنياء بباب الأدباء؟فقال: لعلم الأدباء بمقدار فضل المال و جهل الأغنياء بمقدار الأدب.
و قال بعض الحكماء: إن كان الرزق لا بدّ مطلوبا بسبب فأفضل أسبابه ما افتتح بالأدب، و نظرنا فلم نره اجتمع لشيء من أصناف الصناعات كما اجتمع للكتبة لأنّها لا تكمل لأحد حتى يبتدئها برياضة نفسه في الأدب فينفذ في الخطّ و البلاغة في الكتب و الفصاحة في المنطق و البصر بصواب الكلام من خطابه و العلم بالشريعة و أحكامها و المعرفة بالسياسة و التدبير.
المناظرات في الأدب
حدّثنا أبو ناظرة البصري عن المازنيّ قال: بينا أنا قاعد في المسجد إذا صاحب بريد قد دخل و هو يسأل عني و يقول: أيّكم المازني؟فأشار الناس إليّ، فقال: أجب، قلت: من و من أجيب؟قال: الخليفة، فذعرت منه و كنت رجلا فاطميّا فظننت أن اسمي رفع فيهم فقلت:
أصلحك اللّه!تأذن لي أن أدخل منزلي فأودّع أهلي و أتأهّب لسفري؟فقال: افعل. فعلمت أنّه لو كان شرّا لما أذن لي فسكنت إلى قوله و دخلت المنزل فودّعتهم و خرجت إليه، فحملني على دابّة من دوابّ البريد حتى وافى بي باب الواثق، فما كان إلاّ قليلا حتى أذن لي فدخلت إلى بهو و إذا رجل قاعد و على رأسه سبعون وصيفا. فذهبت أسلّم عليه بالخلافة. فقيل لي: هذا بغا.
ثمّ تقدّمت إلى بهو آخر فإذا رجل قاعد على كرسيّ و بين يديه سبعون وصيفا. فذهبت أسلّم عليه بالخلافة فقيل: هذا وصيف. حتى دفعت إلى الستر فما زال يقول: اذهب ادن ادن، حتى حاذاني بسريره، ثمّ قال: ما اسمك؟قلت: بكر بن محمّد. قال: ممّن سمعتها؟يعني اللغة.
قلت: من مزاحم العقيلي، فقال: حدّثني. فلم أدر بما أحدّثه و قلت: لعلّ حديثي على البديهة
اسم الکتاب : المحاسن و المساوي المؤلف : البيهقي، ابراهيم الجزء : 1 صفحة : 294