responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحاسن و المساوي المؤلف : البيهقي، ابراهيم    الجزء : 1  صفحة : 252

تطوي عنه النصيحة و تنهى من ينصحه، يا أمير المؤمنين إنّ هؤلاء اتّخذوك سلّما إلى شهواتهم.

قال المنصور: فأصنع ما ذا؟ادع لي أصحابك أولّهم!قال: ادعهم أنت بعمل صالح تحدثه و مر بهذا الخناق فليرفع عن أعناق النّاس و استعمل في اليوم الواحد عمّالا كلّما رابك منهم ريب أو أنكرت على رجل عزلته و وليت غيره، فو اللّه لئن لم تقبل منهم إلاّ العدل ليتقرّبنّ به إليك من لا نيّة له فيه.

و حدّث محمّد بن عبد اللّه قال: قال المنصور لجعفر بن حنظلة البهراني: عظني. قال فقلت: يا أمير المؤمنين أدركت عمر بن عبد العزيز سنتين لم يتّخذ مالا و لم ينشئ عينا و لم يستخرج أرضا و لم يضع لبنة على لبنة و لا أحصي كم من ولده تحمّل الحمالات و حمل على الخيل، و ولي هشام بن عبد الملك ثماني عشرة سنة ما منها سنة إلاّ و هو ينشئ فيها عيونا و يتّخذ فيها أموالا و يقطع لولده القطائع، و لا أعرف اليوم من ولده رجلا يشبع. فقال: و اللّه لقد وعظت و أحسنت. قال جعفر: ففرحت أن نجعت عظتي في أمير المؤمنين. قال: فأطرق ساعة ثمّ قال: يا غلام ادع لي سليمان بن مجالد. فدعاه فقال: يا سليمان علق أصحاب قيليا بأرجلهم حتى يؤدوا ما عليهم. و كان قد جعلها لصالح ابنه، فعلمت أنّ عظتي لم تنفع قليلا و لا كثيرا.

و حدّث محمّد بن عبد اللّه الخراساني قال: حدثني المفضّل الضّبّيّ قال: سمعت المسيّب بن زهير يقول: بينا المنصور يطوف بالبيت و أنا قدّامه إذا رجل مستلم الرّكن فقلت له: تنحّ فقد جاء أمير المؤمنين، كرّتين أو ثلاثا، فلم يبرح حتى رمقه المنصور و سمعه و هو يقول: اللهمّ إني أشكو إليك ظهور الجور و البغي و الفساد في الأرض و ما يحول بين المرء و قلبه من الطمع. فلمّا سمعه قال لي: يا مسيّب عليّ بالرجل. فقلت له: أمّا إذ قد ابتليت بك فأجب. قال: حتى أتمّ طوافي. فلمّا أتمّ طوافه قلت له: أجب الآن فقد فرغت من طوافك، قال: حتى أصلّي ركعتين. قلت: نعم فصلّ. ركعتين ثمّ أدخلته على المنصور، فلمّا رآه قال:

السلام عليك يا أمير المؤمنين و رحمة اللّه و بركاته!قال: و عليك السلام، ما هذا الكلام الذي سمعتك تلفّظ به آنفا عند الركن؟قال: أ و سمعته يا أمير المؤمنين؟قال: نعم. قال: هو ذاك، أ لست ابن عمّ رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، أ لست الخليفة ما بقيت غاية إلاّ و قد بلغتها، أ تطمع أن تنال ما عند اللّه جلّ و عزّ بما أنت فيه؟قال: و فيما أنا؟قال: أخبرك بما لا تقدر أن تدفعه. قال: و ما هو؟قال: عمدت إلى الطين فأوقدت عليه فصيّرت منه الآجرّ ثمّ عمدت إلى الرمل و أوقدت عليه فصيّرت منه الجصّ و صيّرت بعضه فوق فبنيت لك منها الحصون المشيّدة و القصور العالية

اسم الکتاب : المحاسن و المساوي المؤلف : البيهقي، ابراهيم    الجزء : 1  صفحة : 252
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست