responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : المحاسن و المساوي المؤلف : البيهقي، ابراهيم    الجزء : 1  صفحة : 111

ثم يحدثه بكل ما كان فيه إلى أن أصبح، و كان بعضهم يقول: يأتيه ملك من السماء فيخبره، و ما كان ذلك إلا لتيقظه و كثرة تعهده لأمور رعيته.

و يقال: إن الأمم كلها، أولها و آخرها، قديمها و حديثها، لم تخف ملوكها خوفها أردشير من ملوك العجم و عمر بن الخطاب، رضي اللّه عنه، من ملوك العرب و الإسلام، فإن عمر، رضي اللّه عنه، كان علمه بمن نأى من عماله و رعيته كعلمه بمن بات معه على مهاد، فلم يكن له في قطر من الأقطار و لا ناحية من النواحي أمير و لا عامل إلا و له عليه عين لا يفارقه، فكان أخبار النواحي كلها عنده كل صباح و مساء، حتى إن العامل كان يتوهم على أقرب الخلق إليه و أخصهم به، فساس الرعية سياسة أردشير في الفحص عنها و عن أسرارها، ثم اقتفى معاوية فعله و طلب أثره، فانتظم له أمره و طالت في الملك مدته.

و كذا كان زياد بن أبي سفيان يحتذي فعل معاوية كاحتذاء معاوية فعل عمر، رحمه اللّه، في تعرّف أمور رعيته و ممالكه، و في ما يحكى عنه أن رجلا كلمه في حاجة له فتعرف إليه و هو يظن أنه لا يعرفه فقال: أصلح اللّه الأمير، أنا فلان بن فلان، فتبسم زياد، و قال: أ تتعرف إلي و أنا أعرف منك بنفسك؟

و اللّه إني لأعرفك و أعرف أباك و أمك وجدك وجدتك و أعرف هذا البرد الذي عليك و هو لفلان!فبهت الرجل و أرعد حتى كاد يغشى عليه.

و على هذا كان عبد الملك بن مروان و الحجاج و لم يكن بعد هؤلاء الثلاثة أحد في مثل هذه السياسة حتى ملك المنصور فكان أكبر الأمور عنده معرفة الرجال حتى عرف العدو من الولي و الموادع و المسالم من المشاغب فساس الرعية على ذلك، ثم درست هذه السياسة حتى ملك الرشيد فكان أشد الملوك بحثا عن أسرار رعيته و أكثرهم بها عناية و أحزمهم فيها أمرا.

و على هذا كان المأمون في أيامه، و الدليل على أمر المأمون رسالته إلى إسحاق بن إبراهيم في الفقهاء و أصحاب الحديث و هو بالشام خبر فيها عن عيب واحد واحد و عن نحلته و عن أموره التي خفيت أو أكثرها على القريب و البعيد، و لم يكن أحد من ذوي السلطان الأعظم أشد فحصا و بحثا عن أمور الناس حتى بلغ هذا المبلغ في الاستقصاء و جعله أكبر شغله و أكثره في ليله و نهاره من إسحاق بن إبراهيم.

حدثني موسى بن صالح بن شيخ قال: كلمته في امرأة من بعض أهلنا و سألته النظر لها فقال: يا أبا محمد من قصة هذه المرأة و من فعلها، قال: فو اللّه ما زال يحدثني و يخبرني عن قصتها و يصف أحوالها حتى بهت.

و حدث أبو البرق الشاعر قال: كان يجري علي أرزاقا فدخلت عليه فقال بعد أن‌

اسم الکتاب : المحاسن و المساوي المؤلف : البيهقي، ابراهيم    الجزء : 1  صفحة : 111
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست