اسم الکتاب : المجتمع والتاريخ المؤلف : المطهري، الشيخ مرتضى الجزء : 1 صفحة : 417
نعم ، ذلك النعيم كله من هذه المصادر ، من هذه الينابيع ، سكروا على خمر الجزائر ، ولم يسكروا على عرق جبين العامل الفرنسي أو الأوروبي أو الأمريكي .
التناقض الذي جمّد ذلك التناقض وأوقفه هو إذن هذا التناقض الأكبر بين المحور الرأسمالي ككل بكلتا طبقيته ، وبين الشعوب الفقيرة في العالم .
من خلال هذا التناقض ، وجد الرأسمالي الأوروبي والأمريكي أنّ من مصلحته أن يقاسم العامل شيئاً من هذه الغنائم التي نهبها منّي ومنك ، من فقراء الأرض ، والمستضعفين في الأرض ، وأن من مصلحته أن يعطي قسماً من هذه النعمة إلى العمّال ، أن يسكر هو ويسكر العمّال أيضاً بخمر الجزائر ، أن يتزيّن بماس تنزانيا ، ويتزيّن العامل أو زوجته بماسة من ماسات تنزانيا .
ولهذا نرى أنّ حياة العامل بدأت تختلف عن نبوءات ماركس ، ليس ذلك لأجل كرم طبيعي في الرأسمالي الأوروبي والأمريكي ، وليس التقوى ، وإنّما هي غنيمة كبيرة كان من المفروض أن يعطي جزءاً منها لهذا العامل ، والجزء وحده يكفي لأجل تحقيق هذا الرفاه بالنسبة إلى هذا العامل الأوروبي والأمريكي .
الحقيقة التي يثبتها التاريخ دائماً إذن هي أنّ التناقض لا يمكن حصره في صيغة واحدة ، التناقض له صيغ متعددة ؛ ذلك لأنّ كل هذه الصيغ تنطلق من منبع واحد ، وهو التناقض الرئيسي ، الجدل الإنساني .
الجدل الإنساني لا تعوزه صيغة ، إذا انحلّت صيغة ، وضع صيغة
اسم الکتاب : المجتمع والتاريخ المؤلف : المطهري، الشيخ مرتضى الجزء : 1 صفحة : 417