اسم الکتاب : المجتمع والتاريخ المؤلف : المطهري، الشيخ مرتضى الجزء : 1 صفحة : 368
مفهوم القرآن الكريم عن دور الإنسان في الحركة التاريخية
اتضح من خلال المفاهيم التي مرّت بنا أنّ الإنسان أو المحتوى الداخلي للإنسان هو الأساس لحركة التاريخ . وذكرنا أنّ حركة التاريخ تتميّز عن سائر الحركات الأُخرى بأنّها غائيّة لا سببيّة فقط . ليست مشدودة إلى سببها إلى ماضيها فحسب ، بل هي مشدودة أيضاً إلى الغاية ؛ لأنّها حركة هادفة ذات غائية متطلّعة إلى المستقبل .
المستقبل هو المحرّك لأي نشاط من النشاطات التاريخية ، والمستقبل معدوم فعلاً ، وإنّما تحرّك من خلال الوجود الذهني الذي يتمثّل فيه هذا المستقبل ؛ فالوجود الذهني ـ إذن ـ هو الحافز والمحرك والمدار لحركة التاريخ .
هذا الوجود الذهني يجسّد من ناحية جانباً فكرياً ، وهو الجانب الذي يضمّ تصوّرات الهدف ، ويمثّل من جانب آخر الطاقة والإرادة التي تحفّز الإنسان نحو هذا الهدف . وبالامتزاج بين الفكر والإرادة تتحقق فاعلية المستقبل ومحرّكيته للنشاط التاريخي على الساحة الاجتماعية .
هذان الأمران : الفكر والإرادة ، هما في الحقيقة المحتوى الداخلي الشعوري للإنسان . المحتوى الداخلي للإنسان ، إذن ، هو الذي يصنع هذه الغايات ويجسّد هذه الأهداف من خلال مزجه بين الفكر والإرادة .
ممّا تقدّم يصحّ القول إنّ المحتوى الداخلي للإنسان هو الأساس لحركة التاريخ . والبناء الاجتماعي العلوي بكل ما يضم من علاقات وأنظمة وأفكار وتفاصيل مرتبط بهذه القاعدة في المحتوى الداخلي للإنسان . وتغييرُه وتطوّره لتغيير هذه القاعدة وتطوّرها . فإذا تغيّر
اسم الکتاب : المجتمع والتاريخ المؤلف : المطهري، الشيخ مرتضى الجزء : 1 صفحة : 368