اسم الکتاب : المجتمع والتاريخ المؤلف : المطهري، الشيخ مرتضى الجزء : 1 صفحة : 317
العلمية الطبيعية من ناحية المادة التي يقوم على أساسها الاستنتاج أوّلاً ، ومن ناحية الدليل الذي يدعم ذلك الاستنتاج ثانياً . وإذا استبعدنا الدليل التجريبي الدقيق عن نطاق البحث التأريخي لم يبقَ لدى مفسّري التأريخ إلاّ الملاحظة المنظّمة التي تحاول أن تستوعب أكبر مقدار ممكن من أحداث التأريخ وظواهره ، حيث يأخذها الباحث التأريخي كما هي ، ويحاول أن يفسّرها ويضع لها مفاهيمها العامة ، على طريقة التعداد البسيط .
وعلى هذا الأساس نعرف : أنّ الماركسية لم تكن تملك ـ حين وضعت مفهومها الخاص عن التأريخ ـ سنداً علمياً لها سوى الملاحظة التي رأتها الماركسية كافية للتدليل على وجهة نظرها المعيّنة إلى التأريخ . وأكثر من هذا ، أنّها زعمت : أنّ الملاحظة المحدودة في نطاق تأريخي ضيّق تكفي وحدها لاستكشاف قوانين التأريخ كلّها ، واليقين العلمي بها . فقد قال إنجلز :
( ولكن فيما كان البحث عن هذه الأسباب المحرّكة في التأريخ مستحيلاً تقريباً في سائر المراحل السابقة ؛ بسبب تعثّر علاقتها وتخفّيها مع ردود الفعل التي تؤثّر بها ، فإنّ عصرنا قد بسط هذه العلائق كثيراً ، بحيث أمكن حلّ اللغز ، فمنذ انتصار الصناعة الكبرى لم يعد خافياً على أحد في إنكلترا بأنّ النضال السياسي كلّه يدور فيها حول طموح طبقتين إلى السلطة ، ألا وهما : الأرستقراطية العقارية ، البرجوازية ) [1] .