اسم الکتاب : المجتمع والتاريخ المؤلف : المطهري، الشيخ مرتضى الجزء : 1 صفحة : 272
مثل هذه المدرسة تنظر إلى ( الإصلاحات ) على أنّها موانع في طريق الحركة التكاملية لأنّها تقلّل من الضغوط التي تعانيها الطبقة المسحوقة ، والتقليل من الضغط يؤدّي إلى تأخير الانفجار والثورة إن لم يصدَّها . أمّا المدرسة المؤمنة بالحركة الفطرية الذاتية للمجتمع فلا تُفتي إطلاقاً بضرورة تشكيل طبقة مكبّلة بالقيود ؛ لأنّها ترفض أن تكون الضغوط شرطاً لازماً للتكامل ، كما أنّها ترفض أن تكون الإصلاحات التدريجية مانعاً أمام الحركة التطوّرية .
الموانع والدوافع التي حدّدها الإسلام على هذا الصعيد تدور حول الفطرة . دوافعُ الحركة في نظر القرآن تارة تكون التقوى ، أي البقاء على النقاء الفطري الأصيل ( هُدىً لِلْمُتَّقِينَ )[1] ، وتارةً تكون الإحساس بالمسؤولية أمام نظام الكون ( يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ بِالْغَيْبِ ) ، ( وَخَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ ) . . وأحياناً تكون حيوية الفطرة : ( لتنذر مَن كان حيّاً )[2] .
مقابل ذلك ، حدّد الموانع في الفساد الروحي والأخلاقي ، وإثم القلب [3] ، ورين القلب [4] ، وانسداد القلب [5] ، وعمى القلوب [6] ،
=
فالماركسية في الواقع تعتقد أنّ الاضطهاد ، الذي تمارسه الطبقة المسيطرة ، له في التكامل دورٌ لا يقل عن دور رَدّ الفعل الذي تُبديه الطبقة المسحوقة . فكِلا العملين أخلاقيان مؤثّران في دفع مسيرة التكامل في نظر الماركسية ، مع فارق بينهما في الاتجاه ، أحدهما منشدّ بالماضي ، والآخر بالمستقبل ، ومن البديهي أنّ الانشداد الذهني بالماضي لا المستقبل لا يمكن أن يكون معياراً للأخلاقية ؛ لأنّ الاستناد إلى النوايا الذهنية نوعٌ من المثالية في نظر الماركسية .