اسم الکتاب : المجتمع والتاريخ المؤلف : المطهري، الشيخ مرتضى الجزء : 1 صفحة : 189
أساسها لا بدّ من التنبيه على أنّ القرآن الكريم قد أشار ـ حسب رأينا ـ إلى بعض الأُصول التي تدل بالصراحة على أولوية العوامل المعنوية في المجتمع بالنسبة إلى العوامل المادية . فقد ورد في القرآن كأصل من الأُصول قوله تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ )[1] . أي إنّنا لا نغيّر الوضع و الحالة لمجتمع حتى يغيّروا بأيديهم وإرادتهم وعزمهم كلّ ما يرتبط بسيرتهم وعملهم . وبعبارة أُخرى : إنّ مصير الناس لا يتبدّل حتى يتبدل كلّ ما يرتبط بنفوسهم ومعنوياتهم بأيديهم . فهذه الآية تنفي بالصراحة الجبر الاقتصادي في التاريخ .
ومع ذلك فإنّا نستعرض بعض المقاييس وبموجبها نستنتج النظرية الإسلامية .
1 ـ إستراتيجية الدعوة .
إنّ كل مدرسة تحمل رسالة اجتماعية ، وتدعو الناس إلى الإيمان بها لا بد لها من اتخاذ طريقة خاصة لها ، ترتبط من جانب بأهدافها الرئيسة ، ومن جانب آخر بتفسيرها الخاص لماهية الحركات التاريخية . فالدعوة في كل مدرسة هي نوع توعية للجماهير ، وضغط على محركات خاصة لإيجاد الحركة فيهم .
فمثلاً المدرسة الإنسانية لأوغست كونت التي تدّعي نوعاً من المذهب العلمي ، ترى جوهر التكامل البشري في الجانب الذهني منه ، وتعتقد أنّ الإنسان في ذهنيته قد مرّ بمرحلتين : ( الأساطيرية والفلسفية )