اسم الکتاب : المجتمع والتاريخ المؤلف : المطهري، الشيخ مرتضى الجزء : 1 صفحة : 163
بدخوله في سلك المؤمنين يقذف عصفورين بحجر . ومن هنا كان أكثر المؤمنين بالأنبياء من المستضعفين ، وأقلّهم من غيرهم . وأمّا التطابق بالوجه المدّعى فكلام فارغ .
ومباني القرآن في هوية التاريخ تختلف عن مباني المادية التاريخية . فالأصل في القرآن هو الروح ، وليس للمادة أيّ تقدم عليها . فالحاجات المعنوية والجاذبه المعنوية في وجود الإنسان هي الأصيلة ، ولا تتعلق بالحاجات المادية . وكذلك الفكر هو الأصيل ، دون العمل . والشخصية الفطرية النفسية للإنسان مقدمة على شخصيتة الاجتماعية .
فالقرآن بمقتضى بنائه على أصالة الفطرة ، وأنّ في باطن كلّ إنسان ـ حتى الممسوخين كفرعون ـ إنسان فطري قد كبّل بالقيود ، يقول بإمكان الحركة في جهة الحق والحقيقة ، ولو بوجه ضعيف في جميع أفراد الإنسان ، وإن كان أبعد الممسوخين عن الإنسانية ؛ ولذا فإنّ الأنبياء مكلّفون بأن يقوموا في مرحلة ببذل النصح والموعظة للظالمين ، لعلّهم يتمكّنون من تحرير الإنسان الفطري المكبّل بالقيود في باطنهم ، ويثيروا شخصيتهم الفطرية ضد شخصيتهم الاجتماعية الخبيثة . ونجد أنّ هذا التوفيق قد حصل في موارد كثيرة ويدعى بالتوبة . وقد أُمر موسى ( عليه السلام ) في أول مرحلة من رسالته أن يذهب إلى فرعون ، ويقوم بتذكيره ، وإيقاظ فطرته ، فإن لم تُجد الموعظة يحاربه آنذاك . فمن وجهة نظر موسى ( عليه السلام ) قد قيّد فرعون وأسر إنساناً في باطنه كما أسر أُناساً في الخارج ، فهو يبدأ بإثارة الأسير الداخلي ضدّ فرعون ، وفي الواقع يثير الفرعون الفطري الذي هو إنسان ، أو نصف إنسان متبقي ، ضدّ الفرعون الاجتماعي ، أي ذلك الذي صنعه المجتمع .
اسم الکتاب : المجتمع والتاريخ المؤلف : المطهري، الشيخ مرتضى الجزء : 1 صفحة : 163