الوجوه و الأفواه، و تباشرت وحوش المشارق و المغارب و دوابّها البحريّه، و احتست العوالم من السّرور كأس حميّة، و بشّرت الجنّ بإظلال زمنه و انتهكت الكهانة و رهبت الرّهبانيّه، و لهج بخبره كلّ خبر خبير و فى حلا حسنه تاه، و أتيت أمّه فى المنام فقيل لها: إنّك قد حملت بسيّد العالمين و خير البريّه، فسمّيه إذا وضعتيه محمّدا؛ لأنّه ستحمد عقباه.

عطّر اللّهمّ قبره الكريم، بعرف شذىّ من صلاة و تسليم اللّهمّ صلّ و سلّ و بارك عليه‌

و لمّا تمّ من حمله شهران على مشهور الأقوال المرويّة، توفّى بالمدينة المنوّرة أبوه عبد اللّه، و كان قد اجتاز بأخواله بنى عدىّ من الطّائفة النّجّاريّة، و مكث فيهم شهرا سقيما يعانون سقمه و شكواه. و لمّا تمّ من حمله على الرّاجح تسعة أشهر قمريّه، و آن للزّمان أن ينجلى عنه صداه، حضر أمّه ليلة مولده آسية و مريم فى نسوة من الحظيرة القدسيّة، و أخذها المخاض فولدته صلى اللّه عليه و سلم نورا يتلألأ سناه:

و محيّا كالشّمس منك مضى‌ء * * * أسفرت عنه ليلة غرّاء

ليلة المولد الّذي كان للدّ * * * ين سرور بيومه و ازدهاء

مولد كان منه فى طالع ال * * * كفر وبال عليهم و وباء

يوم نالت بوضعه ابنة وهب‌ * * * من فخار ما لم تنله النّساء

و أتت قومها بأفضل ممّا * * * حملت قبل مريم العذراء

و توالت بشرى الهواتف أن قد * * * ولد المصطفى و حقّ الهناء

هذا و قد استحسن القيام عند ذكر مولده الشّريف أئمّة ذوو رواية و رويّه،