اسم الکتاب : الكوكب الأنور على عقد الجوهر في مولد النبي الأزهر(ص) المؤلف : البرزنجي، جعفر بن حسن الجزء : 1 صفحة : 361
العدم فانحصر فيها مبالغة. و عبارة الفخر الرازى: إن قيل: كيف قال تعالى:
وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ[1] مع أن النبيّ صلى اللّه عليه و سلم لم يكن رحمة للكافرين الذين ماتوا على كفرهم بل نقمة، إذ لو لا إرساله إليهم لما عذبوا بكفرهم لقوله تعالى: وَ ما كُنَّا مُعَذِّبِينَ حَتَّى نَبْعَثَ رَسُولًا[2] قلنا: كان رحمة للكافرين أيضا من حيث إن عذاب الاستئصال أخّر عنهم بسببه، أو كان رحمة عامة من حيث إنه جاء بما ينقذهم من العذاب إن اتبعوه، و من لم يتبعه فهو الذي قصر فى حق نفسه من الرحمة، و مثله عليه الصلاة و السلام كمثل عين عذبة فجّرها اللّه تعالى فسقى ناس زروعهم و مواشيهم منها فأفلحوا، و أفرط ناس فى السقى منها فلم يفلحوا، فالعين فى نفسها نعمة من اللّه للفريقين و رحمة و إن قصّر البعض.
أو أن المراد بالرحمة: الرحيم، و هو صلى اللّه عليه و سلم كان رحمة للفريقين بمعنى رحيما عليهم؛ أ لا ترى أنهم لما شجّوه يوم أحد و كسروا رباعيته خرّ مغشيا عليه، فلما أفاق قال: «اللهم اهد قومى فإنهم لا يعلمون» [3].
و لما خرج إلى الطائف حين ناله من قريش ما ناله، و دعا أهلها فأغروا به سفهاءهم، و لقى منهم أشد مما لقيه يوم أحد، و مع ذلك فلما جاءه جبريل و معه ملك الجبال ليأمره فى قومه بما شاء، فقال صلى اللّه عليه و سلم: «بل أرجو أن يخرج اللّه من أصلابهم من يعبد اللّه تعالى وحده لا يشرك به شيئا» و عند ذلك قال له الملك: «أنت كما سمّاك ربك رءوف رحيم».