اسم الکتاب : الكوكب الأنور على عقد الجوهر في مولد النبي الأزهر(ص) المؤلف : البرزنجي، جعفر بن حسن الجزء : 1 صفحة : 302
و كانت قريش- كما فى رواية ابن إسحاق- كثيرا ما يمرون على بحيرا فلا يكلمهم و لا يلتفت إلى أحد منهم حتى إذا كان ذلك العام قال: يا معشر قريش إنى صنعت لكم طعاما فاحضروا كلكم، صغيركم و كبيركم، و حركم و عبدكم. فقال رجل منهم: و اللّه يا بحيرا إن لك اليوم لشأنا، ما كنت تصنع هذا بنا، و قد كنا نمر بك كثيرا فما شأنك اليوم؟ قال له بحيرا: صدقت.
و لكنكم ضيف، و قد أحببت أن أكرمكم و أصنع لكم طعاما فتأكلوا منه كلكم. فذهبوا و اجتمعوا إليه و تركوه صلى اللّه عليه و سلم عند رحالهم لحداثة سنه، فلما نظر بحيرا فى القوم لم يره صلى اللّه عليه و سلم فقال لهم: هل بقى أحد؟! قالوا: لا، إلا ولد صغير. قال: لا تفعلوا، ادعوه، فليحضر هذا الغلام معكم، فقام الحارث بن عبد المطّلب فأتى به.
و فى رواية: فسألوه عن سبب ذلك فقال: إنى رأيت غمامة تظله، و لما نزل تحت الشجرة مالت لجانبه، فإن مثله لا يكون إلا لنبى، و إنا نجد نعته فى كتابنا.
فلما رآه بحيرا جعل يلحظه لحظا شديدا، و ينظر إلى أشياء من جسده قد كان يجدها عنده من صفته، حتى إذا فرغ القوم من طعامهم قام إليه بحيرا فقال: أسألك باللات و العزّى إلا ما أخبرتنى عما أسألك عنه-.
قال فى «إنسان العيون»: و إنما قال له بحيرا ذلك لأنه سمع قومه يحلفون بهما و ليس بشيء بل لأنه كان منعوتا عندهم بأنه لا يحلف بهما، و يؤيده ما يأتى من قول اليهودى لميسرة فى سوق بصرى: و الذي نفسى بيده إنه هو الذي تجده أحبارنا منعوتا- أى بهذه الصفة- فى كتبهم.
و فى «الشفاء»- فقال له رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «لا تسألنى باللات و العزّى شيئا، فو اللّه ما أبغضت شيئا قط بعضهما» فقال بحيرا: فباللّه إلا ما أخبرتنى عما أسألك عنه. فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم: «سلنى عما بدا لك». فجعل يسأله عن أشياء من حاله فى نومه و هيئته و أموره، و يخبره رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، فوافق ذلك
اسم الکتاب : الكوكب الأنور على عقد الجوهر في مولد النبي الأزهر(ص) المؤلف : البرزنجي، جعفر بن حسن الجزء : 1 صفحة : 302