اسم الکتاب : الكوكب الأنور على عقد الجوهر في مولد النبي الأزهر(ص) المؤلف : البرزنجي، جعفر بن حسن الجزء : 1 صفحة : 179
و يدل لما مر ما روى أنه حين خروجه من بطن أمه قال: «الحمد للّه كثيرا» فحمله على العطاس هنا غريب كحمل القائل على الملك، و إلا فالاستهلال صياح المولود أوّل ما يولد، و قد أشار إلى التشميت صاحب الهمزية بقوله:
شمّتته الأملاك إذ وضعته * * * و شفتنا بقولها الشّفّاء
و ذكر ابن سبع فى «الخصائص» أن مهده صلى اللّه عليه و سلم كان يتحرك بتحريك الملائكة، و أن أول كلام تكلم به أن قال: «اللّه أكبر كبيرا، و الحمد للّه كثيرا» [2].
و روى الواقدى أنه قال حين ولادته: «جلال ربى الرفيع» و لا مانع من تكرار ذلك حين خروجه و حين وضعه فى المهد، و أنه زاد بعد قوله: «و الحمد للّه كثيرا و سبحان اللّه بكرة و أصيلا» كما فى رواية، فحينئذ يكون تكلمه صلى اللّه عليه و سلم حين خروجه من بطن أمه لم يشاركه فيه غيره من الأنبياء إلا الخليل و إلا نوحا، بخلاف تكلمه فى المهد، على أنه يجوز أن يكون المراد بالتكلم فى المهد التكلم فى غير أوان الكلام، فهو صلى اللّه عليه و سلم من جملة من تكلم فى المهد، و إن كان صلى اللّه عليه و سلم عدّهم و لم يذكر نفسه منهم، و قد أشار الجلال السيوطى- (رحمه الله تعالى)- إلى جملة من تكلم فى المهد [3] بقوله:
تكلّم فى المهد النّبي محمّد * * * و عيسى و يحيى و الخليل و مريم
و مبرى جريج ثم شاهد يوسف * * * و طفل لدى الأخدود يرويه مسلم
و طفل عليه مرّ بالأمة التي * * * يقال لها تزنى و لا تتكلّم
و ماشطة فى عهد فرعون طفلها * * * و فى زمن الهادى المبارك يختم