responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : الكافي في اصول الفقه المؤلف : الحكيم، السيد محمد سعيد    الجزء : 1  صفحة : 383

تحرير محل النزاع

وإنما الكلام في وجود الدواعي العقلية، وهي التي تدعو العاقل بما هو عاقل مجرد عن كل داع خارج عن العقل، وهي دواعي الحسن والقبح. فقد اشتهر النزاع بين العدلية والأشاعرة في ذلك. فادعى العدلية ثبوت الحسن والقبح في الأشياء في الجملة، وأنكر ذلك الأشاعرة، فليس الحسن والقبيح عندهم إلا ماحسّنه الشارع أوقبحه. وبدونه فالأشياء كلها على نحو واحد ليس فيها حسن ولا قبيح.

والحق الأول. وقد يستدل عليه بوجوه، لعل الأولى الاقتصار على وجهين منه.

الاستدلال على ثبوت حكم العقل بالوجدان

(أولهم): الوجدان. فإن الإنسان بوجدانه المجرد عن شوائب الشبهات والأوهام، والبعيد عن الدواعي الخارجية - الشهوية والغضبية وغيرها - يرى أن في الأفعال ما هو حسن ينبغي فعله، ويمدح فاعله - كالصدق والوفاء والإحسان والإيثار - وما هو قبيح ينبغي تركه ويذم فاعله - كالكذب والخيانة وإيذاء الغير والتعدي عليه - وإنكار ذلك مكابرة لا يصغى إليه. وربما تبتني على شبهات أو عواطف تخرج بالإنسان عما يحسه ويدركه بضميره ووجدانه.

نعم لا إشكال في أن جهات الحسن والقبح في تلك الأفعال قد تزاحم بجهات تضاده، فيكون المعيار في فعلية الداعوية على الأهمية، كما هو الحال في جميع موارد تزاحم الداعويتين من سنخ واحد، فالكذب الذي تندفع به مفسدة مهمة عقلاً لايخرج في الحقيقة عن القبح، والصدق الذي يترتب عليه مفسدة مهمة لايخرج عن الحسن، بل تسقط داعوية قبح الأول وحسن الثاني بسبب أهمية داعوية الجهة المزاحمة المترتبة عليهم.

ولعل هذا هو مرادهم من أن الحسن والقبح في هذه الأمور عرضيان غير ذاتيين، وأنها مقتضية لهما لا علة تامة. وإن كان ظاهرهم انقلابها عما هي عليه

اسم الکتاب : الكافي في اصول الفقه المؤلف : الحكيم، السيد محمد سعيد    الجزء : 1  صفحة : 383
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست