responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : القواعد و الفوائد و الاجتهاد و التقليد (مفاتيح الأصول) المؤلف : الطباطبائي المجاهد، السيد محمد    الجزء : 1  صفحة : 609

بطريق أولى و منها أنه لو وجب الاجتهاد على المجتهد المفروض في المسائل التي لم يجتهد فيها و لم يجز له التقليد فيها لوجب عليه في مدة طويلة كعشر سنين أو عشرين سنة أو ثلاثين ترك الاشتغال بجميع الأمور التي تنافي الاجتهاد من الأكل و الشرب و النوم و الجماع و المصاحبة و العشرة مع العباد و المسافرة و المعاملة و نحو ذلك إلا بقدر الضّرورة و لوجب عليه الاشتغال ليلا و نهارا بالاجتهاد و تأخير الصّلاة و نحوها من العبادات الموسعة إلى آخر وقت الإمكان و التالي باطل أما الملازمة فلأن ما يحتاج إليه المكلّف من المسائل كثير لا يكاد يحصى فإنه يحتاج إلى معرفة مسائل الوضوء و الغسل و التيمم و إزالة النجاسة و الصّلاة و البيع و نحو ذلك و معلوم أنها كثيرة غاية الكثرة لا يتمكن من الاجتهاد في جميعها في يوم أو يومين أو ثلاث بل لا يتمكن منه في عشر سنين بل و عشرين بل و ثلاثين خصوصا بالنسبة إلى صاحب الأذهان الدقيقة و الأفهام العميقة فإذا وجب الاجتهاد و ترك التقليد فيها لزم و وجب ما ذكرناه من ترك الأمور المذكورة لأن ما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب و قد أشار إلى ما ذكرناه المحقق الثاني في حاشية الشرائع فقال لو عرض للفقيه العدل فسق و العياذ بالله تعالى أو جنون أو طعن في السن كثيرا بحيث اختل فهمه امتنع تقليده لوجود المانع و لو كان قد قلده مقلّد قبل ذلك بطل حكم تقليده لأن العمل بقوله في مستقبل الزمان يقتضي الاستناد إليه حينئذ و قد خرج عن الأهلية لذلك فكان تقليده باطلا بالنسبة إلى مستقبل الزمان فإن قيل فعلى هذا فما ذا يصنع المكلفون إذا خلى العصر من المجتهدين قلنا حينئذ يجب على جميع المكلّفين الاجتهاد لأنه واجب على الكفاية فإذا لم يقم به أحد من أهل النظر تعلق التكليف بجميعهم و يجب عليهم جميعا استفراغ الوسع في تحصيل هذا الفرض فإن قيل فإذا يصنعون في تكاليفهم وقت السعي و الاكتساب للاجتهاد قلنا عند ضيق وقت الصلاة مثلا يأتي المكلف بها على حسب التمكن كما يقال فيمن لا يحسن القراءة و لا الذكر عند الضيق يقف بقدر زمان القراءة ثم يركع و على هذا النهج حكم سائر التكاليف و ليس ببعيد في هذه الحالة الاشتغال بكتب المتقدمين على معرفة بعض الأحكام انتهى و أما بطلان التالي فلوجوه الأول أنا ما وجدنا أحدا من المتقدمين و المتأخرين من مجتهدي الخاصّة و العامة ضيق عليه الأمر بعد بلوغه مرتبة الاجتهاد في شطر من الزمان هذا التضيق و ترك الاشتغال بجميع المنافيات و آخر العبادات إلى آخر وقتها بهذا السّبب بل تراهم يأخرون الاجتهاد بالسفر المباح و الأفعال الغير الضرورية و يسامحون فيه غاية المسامحة و ما وجدنا أحدا قدح فيهم و حكم بفسقهم من هذه الجهة و من أنكر ما ذكرناه فقد أنكر أمرا بديهيّا و خالف شيئا ضروريا لا يقال لعل تركهم الاجتهاد فيما لم يجتهدوا فيه و تسامحهم فيه باعتبار اختيارهم العمل بالاحتياط فيه فلا يلزم تقليدهم فيه و إن لزم ترك الاجتهاد و نحن ما ادعينا وجوب الاجتهاد فيه بل ادعينا حرمة التقليد فيه و لم يظهر من سيرة العلماء خلافه لأنا نقول العمل بالاحتياط في هذه المسائل الكثيرة متعذر أو متعسّر و لهذا جوّز العمل بالظن و التقليد و لو كان الاحتياط ممكنا بسهولة لما جاز الأمران أصلا فليس بناؤهم في أمر دينهم إلا على التقليد فقد تقرر ممّا ذكرناه أن سيرة علماء الإسلام عدم وجوب الاجتهاد على المجتهد المفروض و أن إجماعهم منعقد عليه و لا يقدح فيما ذكرناه تكلّم جماعة منهم في المسألة و عدم إشارة بعضهم إلى ما ذكر و إلا لما جاز التمسّك بالإجماع المستفاد من السيرة في المسائل الخلافية و النظرية و هو باطل فتدبر و لا يقال يجوز التقليد للمجتهد المفروض للضّرورة و عدم التمكن من الاجتهاد و عدم التمكن من الاجتهاد في جميع المسائل في أول أمرهم من العذر المشار إليه فلعلّ تركهم الاجتهاد لهذا العذر و ليس هذا من محلّ البحث لأنا نقول عدم التمكن من الاجتهاد في جميع المسائل إنما يوجب رفع وجوب الاجتهاد في مجموعها من حيث المجموع لا في كلّ مسألة يتمكن من الاجتهاد فيه بسهولة بل يجب عليه بحكم الأصل أن يجتهد فورا في المسائل تدريجا و المعهود من سيرة العلماء خلاف ذلك و لو كان العذر المشار إليه عذرا في سقوط وجوب الاجتهاد في كل مسألة فورا و جاز التقليد فيه سقط فائدة البحث إلا بالنسبة إلى من اجتهد في أكثر المسائل و لم يبق

له إلا مسألة أو مسألتين مثلا و من المعلوم أن هذا فرض نادر لا يليق أن يكون محلّ البحث فتأمل الثاني أنه لو وجب الاجتهاد و ترك التقليد على المجتهد المفروض بالنحو المفروض من ترك الاشتغال بالمنافيات و ترك العبادات الموسّعة المنافية إلى آخر الأوقات و الاشتغال بالاجتهاد في جميع الأزمان للزم الحرج العظيم الّذي هو أعظم من الضّرر الحاصل من العمل بالاحتياط في جميع المسائل و التالي باطل أما الملازمة فواضحة و أما بطلان التالي فواضح أيضا الثالث أن ذلك لو كان واجبا لوردت الأخبار بذلك لتوفر الدّواعي عليه و مسيس الحاجة إليه و بطلان التالي في غاية الوضوح فتأمل فإذن المعتمد جواز التقليد للمجتهد المفروض و عدم كون العمل برأيه واجبا مطلقا يجب تحصيل مقدماته بل هو واجب مشروط كالحج بالنسبة إلى الاستطاعة لكن ذلك فيما يخصّه و يحتاج إليه بنفسه دون ما يفتي به و لكن لا ينبغي ترك الاحتياط مهما أمكن إما بالاجتهاد أو بالعمل بالاحتياط

و ينبغي التنبيه على أمور

الأوّل

قال في المبادي قال محمّد بن الحسن الشّيباني يجوز للعالم تقليد الأعلم و قيل يجوز فيما يخصّه إذا كان بحيث لو اشتغل بالاجتهاد فاته و هو جيّد انتهى و يظهر من هذه العبارة تجويزه التقليد للمجتهد المفروض في حال ضيق الوقت إذا كان بالنحو الذي ذكره و قد حكى هذا القول جماعة عند ذكر الأقوال في جواز التقليد للمجتهد المفروض ففي النهاية و المنية قال

اسم الکتاب : القواعد و الفوائد و الاجتهاد و التقليد (مفاتيح الأصول) المؤلف : الطباطبائي المجاهد، السيد محمد    الجزء : 1  صفحة : 609
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست