responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : القواعد و الفوائد و الاجتهاد و التقليد (مفاتيح الأصول) المؤلف : الطباطبائي المجاهد، السيد محمد    الجزء : 1  صفحة : 537

(قدس سره) بعد التصريح بنفي الحرج في شريعتنا و قد وقع في الشرائع السابقة لقوله تعالى رَبَّنٰا وَ لٰا تَحْمِلْ عَلَيْنٰا إِصْراً كَمٰا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنٰا و قوله سبحانه وَ الْأَغْلٰالَ الَّتِي كٰانَتْ عَلَيْهِمْ و ما ورد في الأخبار في بيان التكاليف الشاقة التي كانت على بني إسرائيل و هل كان التكليف بالقياس إليهم حرجا قاصرا أو هو بالنسبة إلينا كذلك و الظاهر الأول و حديث المعراج و قول موسى (عليه السلام) لنبيّنا (صلّى اللّه عليه و آله) فإن أمتك لا تطيق ذلك يؤيد الثاني و السّير و ما فيها من بيان بسطة الأولين في الأعمار و الأجسام و شدة شكيمتهم و طاقتهم على تحمل شدائد الأمور ما يعاضده و على هذا فالحرج منفي في جميع الملل و إنما يختلف الحال بحسب اختلاف أهلها فما هو حرج بالقياس إلينا لم يكن حرجا حيث شرع و لكن الامتنان ينفي الحرج في هذا الدين كما هو الظاهر من الآية و رفع الأغلال و الآصار يمنع من ذلك و كيف كان فنفي الحرج في هذه الشريعة أمر لا ريب فيه

الثالث [القول في أنه إذا تعارضت العمومات النافية للحرج من العمومات المثبتة للتكليف كان بينهما عموم من وجه فالترجيح مع النافية للحرج]

إذا وقع التعارض بين العمومات الدالة على نفي الحرج و بين سائر العمومات الدالة على الوجوب أو الحرمة أو نحوهما و كان التعارض بينهما من قبيل تعارض العمومين من وجه كما هو الغالب فلا إشكال في لزوم ترجيح الأول لأن الظاهر من سيرة الأصحاب في الفقه ذلك و لأنه لو لا ذلك لفات فائدة هذه القاعدة و ما صح الامتنان الوارد في الكتاب و السنة و لاعتضاد هذه القاعدة بالشواهد العقلية و القواعد القطعية هذا و قد يدعى ترجيح العمومات الدالة على هذه القاعدة و إن اعتضد العمومات المعارضة لها بمرجحات قوية كالشهرة و الاستقراء و نحوهما بل يمكن ترجيحها على الحديث الصحيح الجامع لشرائط الحجية و إن كان أخص منها مطلقا و بالجملة يمكن ترجيحها على معظم الأدلة الشرطية فتأمل

الرابع [القول في أن قاعدة الحرج كقاعدة التكليف بما لا يطاق حيث لم يتطرق إليها التخصيص]

هل هذه القاعدة كقاعدة عدم جواز التكليف بالمحال في عدم إمكان التخصيص أو لا بل كسائر العمومات في جواز التخصيص و إن كان اللازم في المخصّص لها أن يكون في غاية القوة يظهر من السيد الأستاذ (قدس سره) الأول فإنه قال و ليس المراد أن الأصل نفي الحرج و أن الخروج عنه جائز بدليل كما في سائر العمومات الواردة في الشريعة أما على تقدير اختصاص رفع الحرج بهذه الشريعة فظاهر و إلا لزم أن تكون مساوية لغيرها في الاشتمال على الحرج و الفرق بالقلة و الكثرة تعسف شديد و أما على العموم فلإجماع المسلمين على أن الحرج منفي في هذا الدين و لأن التكليف بما يفضي إلى الحرج مخالف لما عليه أصحابنا من وجوب اللطف على الله سبحانه انتهى و ربما يظهر ذلك أيضا من جامع المقاصد و مجمع الفائدة و فيه نظر أما أولا فلأن المستفاد من أكثر الأصحاب أن نفي الحرج شرعي لا عقلي و قد صرّح به والدي العلامة دام ظله العالي و أما ثانيا فلأنه لم يكن جائزا عقلا لما وجب مجاهدة النفس في تحصيل الأخلاق الحسنة و رفع الصّفات السيئة كالكبر و الرياء و نحوهما لأنها في غاية المشقة كما يؤمي إليه قوله (صلّى اللّه عليه و آله) رجعنا من الجهاد الأصغر إلى الجهاد الأكبر و أما ثالثا فلإمكان أن يقال إنه لا مانع من التكليف الشاق ليحصل للمكلف منفعة عظيمة و فائدة جسيمة كما في تكليف الطبيب المريض بتحمله مشاقا عظيمة تحصيلا لفائدة الصحة و في الجميع تأمل و الإنصاف أن المسألة محل إشكال و لو قيل فيها بأن بعض صور التكليف بما فيه الحرج كالتكليف بالمحال في عدم جوازه عقلا لا مطلقا لم يكن تعبدا و ليس هذا التفصيل خرقا للإجماع المركب

الخامس

المناط في القاعدة باعتبار العمومات و الأدلة السمعية هو صدق الحرج و العسر و اليسر لغة و عرفا

السادس [القول في جواز التكليف الاستحبابي بما فيه عسر و حرج]

هل يجوز عقلا أن يستحب فعل فيه مشقة عظيمة بحيث يلزم منه الحرج لو حكم بوجوبه أو لا يجوز كما لا يجوز أن يستحب ما لا يتعلق به القدرة المعتمد هو الأول لأنا لم نجد من العقل ما يقتضي امتناع ذلك بل هو قاطع بجوازه و هل الأصل عدم جواز ذلك أو لا الأقرب هو الأخير لعدم دليل على الأول لا عقلا و لا نقلا فإن الحرج و العسر المنفيين في العمومات السابقة لا يصدقان هنا كما لا يخفى

مفتاح [القول في أن آية «أحل الله البيع» من المجملات التي لا يصح التمسك بها]

اعلم أن الأصل فيما يسمى بيعا حقيقة عرفا و لغة الصحة و إفادته للأمر المقصود منه و هو انتقال الملك و جواز التصرف و ذلك لقوله تعالى أَحَلَّ اللّٰهُ الْبَيْعَ و يظهر من جمع كثير من الأصحاب كونه أصلا في هذا الباب منهم العلامة في المختلف و ولده فخر الإسلام في الإيضاح و السيوري في كنز العرفان و المقدس الأردبيلي (رحمه الله) و غيرهم بل يظهر من جملة من الكتب الإجماع عليه ففي المختلف و الإيضاح الفقهاء في جميع الأعصار و الأصقاع على عمومية الاستدلال بهذه الآية الشريفة و في تفسير الرازي أن المسلمين أبدا يتمسكون في جميع مسائل البيع بهذه الآية انتهى و الوجه في الدلالة ما بينّاه فيما سبق من أن المفرد المحلى بلام الجنس في أمثال المقام يتبادر منه العموم و يفيده و قد صرّح بتبادره هنا المقدس الأردبيلي (رحمه الله) و قال يقال هذه الآية الشريفة لا تنهض لإثبات ما ذكر لوجوه منها ما أشار إليه الرازي في تفسيره فقال ذهب الشافعي إلى أن قوله تعالى وَ أَحَلَّ اللّٰهُ الْبَيْعَ وَ حَرَّمَ الرِّبٰا من المجملات التي لا يجوز التمسك بها و هذا هو المختار عندي و يدل عليه وجوه الأول و هو أنا قد بينّا في أصول الفقه أن الاسم المفرد المحلى بحرف التعريف لا يفيد العموم البتة بل ليس فيه إلا تعريف الماهية و متى كان كذلك كفي به في العمل ثبوت حكمه في صورة واحدة و الوجه الثاني و هو أنا إذا سلمنا أنه يفيده و لكنا لا نشك أن إفادة العموم أضعف من إفادة ألفاظ الجمع للعموم مثلا قوله تعالى وَ أَحَلَّ اللّٰهُ الْبَيْعَ و إن أفاده إلا أن قوله و أحل الله المبيعات أقوى في إفادة الاستغراق فثبت أن قوله وَ أَحَلَّ اللّٰهُ الْبَيْعَ لا يفيد الاستغراق إلا إفادة ضعيفة ثم بتقدير العموم لا بد و أن يتطرق

اسم الکتاب : القواعد و الفوائد و الاجتهاد و التقليد (مفاتيح الأصول) المؤلف : الطباطبائي المجاهد، السيد محمد    الجزء : 1  صفحة : 537
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست