responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : القواعد و الفوائد و الاجتهاد و التقليد (مفاتيح الأصول) المؤلف : الطباطبائي المجاهد، السيد محمد    الجزء : 1  صفحة : 521

ذلك للمعارضة و قد يقال لا نسلّم توقف البراءة اليقينية على المبادرة بالمأمور به أما على مقالة بعض القائلين بأن الأمر للفور من أنه لو أخر لم يسقط عنه التكليف بل يجب عليه المأمور به مطلقا و إن تراخى الزمان فواضح فإن البراءة تحصل بالتأخير أيضا و مقتضى الأصل حينئذ عدم الفور لأن الشك قد تعلق بنفس التكليف و قد تقرر أن الأصل في مقام الشك في التكليف البراءة و أما على مقالة بعض آخر منهم من سقوط التكليف بالتأخير فلأن ذلك إنما هو به فيما إذا علم بالفورية و أما إذا شك فيها و علم بالتكليف في الجملة فمقتضى الأصل بقاؤه و اشتغال الذمة حتى يعلم بالخروج و ليس إلا بالإتيان به و إذا ثبت بقاء التكليف بهذا الأصل فيحصل العلم بالبراءة اليقينية بالتأخير فيدفع احتمال الفورية بالأصل على أن القول بالتراخي هو الأوفق بالاحتياط إذا لم يأت به في ثاني الحال مع الإخلال به في الأول لم يقطع بالخروج عن التكليف بخلاف ما إذا أتى به حينئذ فيه فإنه حينئذ يقطع بالبراءة منه و قد يقال على استصحاب التكليف بالمنع منه و ذلك لأن هذا التكليف قد علم من خطاب مجمل يحتمل معنيين أحدهما يمنع من الاستصحاب و هو كون المأمور به على الفور و الثاني لا يمنع منه و هو كونه على التراخي و مثل هذا يمنع من التمسك بالاستصحاب فإنه يجري في موضع يتحقق حكم من شأنه البقاء بنفسه لو لا المانع و يشك في طرف المانع فإن الأصل حينئذ عدم المانع و لا كذلك محل الفرض كما لا يخفى فتأمل و على أوفقية القول بالتراخي للاحتياط بالمنع منها فإن المبادرة توجب القطع بنفس المكلف به و لا كذلك الإتيان به في الزمان المتراخي فإن غايته حصول القطع ببراءة الذمة عن التكليف لا الإتيان بالمكلف به لاحتمال أن يكون المكلف به على الفور و لم يأت به و المعتبر في الاحتياط حصول القطع بالامتثال لا القطع بعدم اشتغال الذمة كما لا يخفى

مفتاح [القول في إبطال ما تمسك به بعضهم لكون الأمر للندب من أن الندب داخل في الوجوب و لا عكس]

اعلم أنه احتج القائل بأن الأمر للندب بأن المندوب ما فعله خير من تركه و هو داخل في الواجب و لا عكس لأن الواجب ما يلام على تركه و لا كذلك المندوب فوجب جعل الأمر حقيقة فيه لكونه متيقنا و فيه نظر لأن الأمور التوقيفية لا بد فيها من الرّجوع إلى مظانها و الاعتبارات العقلية لا تصلح للاستنباط نعم يعول عليها بعد العجز عن تشخيص مدلول الصيغة فيقال بعد ورودها إن القدر المستفاد منها رجحان الفعل و أما المنع من تركه فمشكوك فيه فالأصل عدمه و لكن يظهر من ابن زهرة في الغنية المنع من جواز التمسك بالأصل حينئذ فإنه قال و تعلق من ذهب إلى أن مطلق الأمر يقتضي الندب بأن ذلك هو المتيقن الذي لا بد أن يريده الحكيم من حيث كان أقل فائدة و ما لا بد منه من مراتبه و الوجوب موقوف على العلم بكراهة الترك باطل لأنا نقول من أين علمتم أنه لم يكره ترك المأمور به حتى قطعتم على الندب الذي هو أقل فائدة فإن قالوا من حيث إنه لو كره الترك لبين ذلك قيل لهم ما الفرق بينكم و بين من قال أعلم كراهة الترك من حيث إنه لو لم يكن كارها لبين ذلك فإن قالوا إن الفرق بين الأمرين أن الأصل في العقل كون الترك غير مكروه فلم يحتج إلى بيان ذلك فيه و ليس كذلك إذا تغيرت حاله و صار مكروها بل يجب و الحال هذه بيانه لأن البيان لا يتأخر عن حال الخطاب قيل لهم بعد ورود الأمر بالعبادة و تغيرها لها عما كانت عليه في العقل لا بدّ من تغير تركها و خروجها عن الأصل العقلي فإن الأمر بالصّلاة مثلا أمر بفعل كان في العقل لو لا ورود الأمر به كان محظورا من حيث كان إدخال مشقة على النفس من غير فائدة و لا بد من تغير تركها الذي كان في العقل واجبا و تغيره ينقسم إلى أن يكون مكروها فيكون الفعل واجبا و إلى أن يكون لا مرادا و لا مكروها فيكون الفعل ندبا و إلى أن يكون مرادا فيكون المكلف مخيرا بينه و بين الفعل على أن البيان إنما يجب في وقت الحاجة لا في وقت الخطاب على ما يستدل عليه فيما بعد بعون الله تعالى و الحكيم لو قال للمكلف افعل كذا بعد شهر لما وجب أن يبين له حكم الترك في وقت الخطاب و هم لا يفرقون في حمل الأمر على الندب بين أن يكون على الفور أو على التراخي فبطل ما قالوه انتهى و فيه نظر أما أولا فلأن ما ذكره من الاحتمالات إنما هو بالنظر إلى العقل و لكن الذي تقتضيه القواعد الشرعية الثاني و هو الندب و ذلك لأن تغير حال الترك إنما هو بحسب الفعل لتقابلهما و المعلوم من تغير حال الفعل هو رجحانه في الجملة لا كونه لازما فيتغير حال الترك بتلك النسبة و هو الندب و بالجملة الأصل كالعام يجب الاقتصار في تخصيصه و رفع اليد عن مقتضاه على القدر المتيقن في المشكوك فيه يجب الرجوع إليه و أما ثانيا فلأن قوله على أن البيان إلى آخره ليس في محله كما لا يخفى و قد تحصل مما ذكرناه قاعدة كلية و هي أنه إذا حصل العلم برجحان شيء في الشريعة و شك في كونه على الوجوب أو الندب فالأصل النّدب لا لأن الأصل الندب بل لأن الرجحان متحقق و اللزوم غير معلوم و البراءة الأصلية تنفيه فيكون المآل الندب و لا فرق في ذلك بين أن يكون المنشأ في حصول العلم الإجماع كأن يتفق الفريقان على رجحان الاستهلال مثلا و يختلفوا في استحبابه و وجوبه أو اللفظ كالأمر في أخبار الأئمة (عليهم السلام) بناء على ما ذكره صاحب المعالم من إجماله لشيوع استعماله في الندب بحيث صار من المجاز الراجحة المتساوي احتمالها لاحتمال الحقيقة و بناء على اشتراكه بين الوجوب و الندب لا يقال الرجحان جنس و لا يتقوم في الخارج إلا بأحد فصليه و هما غير معلومين فيجب

اسم الکتاب : القواعد و الفوائد و الاجتهاد و التقليد (مفاتيح الأصول) المؤلف : الطباطبائي المجاهد، السيد محمد    الجزء : 1  صفحة : 521
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست