responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : القواعد و الفوائد و الاجتهاد و التقليد (مفاتيح الأصول) المؤلف : الطباطبائي المجاهد، السيد محمد    الجزء : 1  صفحة : 518

لا تخفي هذا و قال في المعارج بعد الإشارة إلى تمسك القائلين بالاحتياط بالرواية المذكورة و الجواب أن نقول هو خبر واحد لا يعمل بمثله في مسائل الأصول سلمناه لكن إلزام المكلف بالأثقل مظنة الريبة لأنه إلزام مشقة لم يدل الشرع عليها فيجب اطراحها بموجب الخبر انتهى و لا يقال تعارض الأخبار المذكورة جملة من الأخبار الآمرة بالاحتياط منها خبر داود بن القاسم الجعفري عن الرضا (عليه السلام) أن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال لكميل بن زياد أخوك دينك فاحتط لدينك بما شئت و منها خبر عنوان البصري عن أبي عبد الله (عليه السلام) خذ بالاحتياط في جميع أمورك ما تجد إليه سبيلا و منها مرفوعة زرارة قال سألت الباقر (عليه السلام) فقلت جعلت فداك يأتي عنكم الخبران أو الحديثان فبأيّهما آخذ فقال (عليه السلام) يا زرارة خذ بما اشتهر بين أصحابك و دع الشاذ النادر إلى أن قال فخذ بما فيه الحائطة لدينك و اترك ما خالف الاحتياط لأنا نقول هذه الأخبار أيضا لا تصلح للمعارضة من وجوه شتى و منها ما ذكره في الذكرى من استصحاب حال العقل و قد أشير إليه أيضا في جملة من الكتب ففي المعتبر أما الاستصحاب فمن أقسامه استصحاب حال العقل و هو التمسك بالبراءة الأصلية كما تقول ليس واجبا لأن الأصل براءة العهدة و في التمهيد استصحاب الحال حجة عند أكثر المحققين و قد يعبّر عنه بأن الأصل في كل حادث تقديره في أقرب زمان و بأن الأصل بقاء ما كان على ما كان و هو أربعة أقسام استصحاب النفي في الحكم الشرعي حتى يرد دليل و هو المعبر عنه بالبراءة الأصلية و في الوافية القسم الثاني استصحاب حال العقل أي حاله السابقة و هي عدم شغل الذمة عند عدم دليل أو أمارة عليه و التمسك به بأن يقال إن الذمة لم تكن مشغولة بهذا الحكم في الزمان السابق أو الحالة الأولى فلا تكون مشغولة في الزمان اللاحق و الحالة الأخرى و هذا إنما يصحّ إذا لم يتجدد ما يوجب شغل الذمة في الزمان الثاني و وجه حجته حينئذ ظاهر إذ التكليف بالشيء مع عدم الإعلام به تكليف الغافل و تكليف ما لا يطاق و في رسالة لجدي (رحمه الله) يدل على ذلك استصحاب عدم التكليف انتهى و فيه نظر و منها ما أشار إليه جدي (قدس سره) فقال ورد الآيات الكثيرة على أن حكمه الإباحة و الأصل البراءة مثل قوله تعالى وَ مٰا كُنّٰا مُعَذِّبِينَ حَتّٰى نَبْعَثَ رَسُولًا و المفهوم حتى نبلغهم الأمر ببعث الرسول (صلّى اللّه عليه و آله) كما لا يخفى على اللبيب و مثل ظاهر قوله تعالى لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَ يَحْيىٰ مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ و قوله تعالى لٰا يُكَلِّفُ اللّٰهُ نَفْساً إِلّٰا وُسْعَهٰا و مٰا آتٰاهٰا و قوله تعالى وَ مٰا كٰانَ اللّٰهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدٰاهُمْ حَتّٰى يُبَيِّنَ لَهُمْ مٰا يَتَّقُونَ إلى غير ذلك من الآيات الظاهرة في أنه لا مؤاخذة إلا بعد البيان و كذا يدل عليه مثل قوله تعالى أَتْلُ مٰا حَرَّمَ (رَبُّكُمْ) عَلَيْكُمْ الآية لأن الحكم إذا كان التوقف فأي فائدة في تلاوة ما حرم الله بل لا بد من تلاوة ما أحل الله تعالى و كذا يدل عليه مثل إِنَّمٰا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوٰاحِشَ و منها حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ* و أمثال ذلك و منها ما أشار إليه جدي أيضا فقال دليل المعظم أنه إذا لم يكن نصّ لم يكن حكم فالعقاب قبيح على الله تعالى و ربما اعترض عليه بأن عدم الوجدان لا يدل على عدم الوجود مع أن حكم جميع الأشياء صدر عن الله تعالى إلا أنه عند حافظه كما ورد في الأخبار الكثيرة فالصواب أن يجعل الدليل هكذا إذا لم يصل لم يمكن عقابا لقبح التكليف و العقاب حينئذ كما عليه جمع من أرباب العقول

[القول في الدليل العقلي على أصالة البراءة]

فإن قلت الضرر محتمل إلا بالنسبة إلى البعض و العقل حاكم بوجوب دفعه فلا يقبح العقاب حينئذ لمكان التنبيه و الإشعار و هذا و إن لم يتحقق بالنسبة إلى البعض إلا أنه يكفينا لمنع ما ادعيتم من العموم قلنا الظاهر أن العقل لا يحكم بالوجوب بمجرد هذا الاحتمال البحث الذي لم ينشأ من أمارة و سبب و أمر بل يحكم بقبح العقاب حينئذ كما لا يخفى على المنصف المخلي (المتخلي) نفسه على أنا نقول الضرر كما يحتمل على الفعل كذا يحتمل على الترك فلا يحكم العقل بالوجوب جزما و ما ذكر من رجحان الترك على الفعل لأن الحرمة للمفسدة و الوجوب للمنفعة و غير ذلك ركيك جدا نعم يتوجّه عليه أنه لم يثبت منه أن الأصل براءة الذمة ما لم يتحقق نص بل يكفي الظنون الأخر بل الاحتمال الناشئ من أمارة على أن علم العقل بالضرر أيضا ليس بنص و يمكن الجواب بأن حكم العقل بالوجوب غير ظاهر و ليس كل ذمة دليلا على الوجوب و الحرمة بل يكون ذمة من جهة الكراهة سيّما إذا كانت مغلظة شديدة و حكم العقل كحكم الشرع يكون على الأنواع الخمسة الإباحة و الاستحباب و الكراهة و الوجوب و الحرمة و كراهته قابلة للدرجات ككراهة الشرع انتهى

و ينبغي التنبيه على أمور

الأوّل [القول في عدم الفرق بين العبادات و المعاملات في أصالة البراءة]

لا فرق فيما ذكرناه من أن الأصل البراءة في مقام الشك في الوجوب بين العبادات و المعاملات

الثاني [القول في الاستدلال بعدم الدليل على عدم المعلول]

قال في المعارج اعلم أن الأصل خلو الذمة عن الشواغل الشرعية فإذا ادّعى مدّع حكما شرعيا جاز لخصمه أن يتمسك في انتفائه بالبراءة الأصلية فيقول لو كان الحكم ثابتا لكان عليه دلالة شرعية لكن ليس كذلك فيجب نفيه و لا يستمر هذا الدليل إلا ببيان مقدمتين إحداهما أنه لا دلالة عليه شرعا أن يضبط طرق الاستدلالات الشرعية و يبين عدم دلالتها عليه و الثانية أن يبين أنه لو كان هذا الحكم ثابتا لدلت عليه إحدى تلك الدلائل لأنه لو لم يكن عليه دلالة لزم التكليف بما لا طريق للمكلف إلى العلم به و هو تكليف بما لا يطاق و لو كان عليه دلالة غير تلك الدلائل لما كانت

اسم الکتاب : القواعد و الفوائد و الاجتهاد و التقليد (مفاتيح الأصول) المؤلف : الطباطبائي المجاهد، السيد محمد    الجزء : 1  صفحة : 518
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست