responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : القواعد و الفوائد و الاجتهاد و التقليد (مفاتيح الأصول) المؤلف : الطباطبائي المجاهد، السيد محمد    الجزء : 1  صفحة : 512

جميع الأدلة الظنية و إن لم يكن كلّ واحد منها بنفسه مفيدا له فهذه فائدة أخرى لتمسّكنا بما لا يفيد العلم بنفسه و هذا عذرنا و عذر غيرنا في ذكر الأدلّة الظّنية هنا في سائر المسائل مطلقا و لو لم نقل بحجيّة كلّ واحد منها و حيث صحّ ما قلناه فلا حاجة إلى دعوى حصول القطع من مجموع الأخبار المذكورة و تواترها مع أن الإنصاف أن ادعاء هذا غير بعيد على أنا نمنع حجيّة الظن في هذه المسألة خصوصا الظنون المخصوصة

[القول في أن الإطلاق حجة في غير محل النص]

و لا يقال مقتضى إطلاق الرّواية المذكورة إباحة كلّ شيء لم يرد في الشّريعة النّهي عنه أو الأمر به و لو دلّ العقل على قبحه أو لزوم الإتيان به فإطلاقها خلاف الإجماع و الإطلاق المخالف للإجماع لا يجوز التّمسّك به لأنا نقول هذا الإيراد باطل لأنّ الإطلاق المذكور يجب تقييده بغير ما دل العقل على حرمته أو وجوبه و لا دليل على تقييده في غير هذه الصّورة فيجب العمل به فإن الإطلاق المقيد حجة في غير محلّ التّقييد للإجماع عليه و لأنه لو لم يكن حجة لزم سقوط التّمسك بجميع الإطلاقات الشّرعيّة أو معظمها و هو باطل قطعا فإن ذلك مستلزم لهدم الشريعة و ذلك واضح على أنه قد يدعى عدم لزوم تقييد الإطلاق بما ذكر إذ ما دل العقل على حرمته أو وجوبه ممّا ورد النّهي عنه أو الأمر به فلا يلزم لأن المفروض في الرّواية إباحة ما لم يرد النّهي عنه و يشبه هذا ما قاله بعض في مقام دفع تمسّك من ادّعى أنّ الحسن و القبح شرعيّان لا عقليان بقوله تعالى وَ مٰا كُنّٰا مُعَذِّبِينَ حَتّٰى نَبْعَثَ رَسُولًا من أن العقل رسول في المعنى فلا تشمل الآية الشّريفة ما دل العقل على قبحه و لكن الإنصاف أنّه خلاف المتبادر من اللّفظ فيشكل المصير إليه و لا يقال إن مقتضى الرّواية المذكورة إباحة كلّ شيء يعلم بعدم ورود النّهي عنه أو الأمر به في الشّريعة فلا تشمل ما احتمل فيه أحد الأمرين و من الظاهر أن المقصود في هذا البحث إثبات إباحة هذا بحسب الظاهر لا الأوّل لأنا نقول هذا الإيراد فاسد لأن المتبادر من قوله (عليه السلام) حتى يرد فيه نهي صورة العلم بورود النّهي فيكون التّقدير كلّ شيء مطلق حتى يحصل العلم بورود النّهي عنه و عليه يجب الحكم بإباحة كلّ شيء لم يعلم بأنه منهيّ عنه سواء علم بعدم النّهي عنه أو شكّ فيه فيندرج فيه كلّ ما يحتمل حرمته و إباحته

[القول في أن الألفاظ موضوعة للمفاهيم من غير مدخلية للعلم فيها]

فإن قلت هذا إنّما يصح على تقدير كون الألفاظ موضوعة للمعاني المعلومة و هو خلاف التّحقيق بل هي موضوعة للمفاهيم الكلّية من غير مدخليّة للعلم و الجهل فيها أصلا و عليه لا يتجه الاستدلال بالرّواية على ذلك كما لا يخفى قلنا نحن لا ندّعي مدخلية العلم في الموضوع له بل ندعي انصراف إطلاق الرّواية إلى صورة العلم و لا بعد في أن يكون اللّفظ موضوعا للمعنى الشامل للمعلوم و غيره و مع ذلك ينصرف إطلاقها إلى المعلوم باعتبار تبادره فإن قلت لو حمل إطلاق الرّواية على صورة العلم لزم بتعلّقه به الحكم بإباحة كلّ شيء لم يعلم بتعلّق النّهي به و إن حصل الظن المعتبر شرعا بتعلقه به فيلزم أن لا يكون ظن المجتهد بحرمة شيء معتبرا و هو باطل قطعا قلت هذا باطل إذ بعد قيام الظنّ المعتبر شرعا بحرمة شيء يحصل العلم بورود النّهي عنه فلا يمكن الحكم بإباحته بمقتضى عموم قوله (عليه السلام) كلّ شيء مطلق لتخصيصه بقوله حتّى يرد فيه نهي المتحقق مفهومه في المفروض سلّمنا و لكن نقول يخرج الظنّ المعتبر شرعا من عموم الرّواية بالدّليل الدّال على اعتباره و بالجملة الظاهر من قوله (عليه السلام) حتى يرد فيه نهي صورة العلم بورود النّهي خصوصا مع ظهور ورود الرّواية مورد الامتنان فإنه لا يتم إلا بعد كون المراد من القول المزبور ما ذكر فتأمل هذا و يؤيّد ما ذكر استدلال جماعة من الأصحاب بها على أصالة إباحة الأشياء فتأمل ثم لو سلّمنا شمول القول المزبور صورتي العلم بورود النهي و عدمه فنقول نحن نحكم بعدم ورود النّهي حيث يحصل الشّك فيه بالأصل و الكبرى بعموم الرّواية ففي كلّ مورد يحصل الشّك في الحرمة يقول هذا شيء لم يرد فيه نهي و كلّما لم يرد فيه نهي فهو مباح أمّا الصّغرى فبأن الأصل عدم ورود النّهي فيه و أمّا الكبرى فبعموم قوله (عليه السلام) كلّ شيء مطلق حتى يرد فيه نهي و إثبات الصّغرى بالأصل غير عزيز فتأمل و لا يقال إن غاية ما يستفاد من الرّواية المذكورة كون ما لم يرد فيه نهي أو أمر مباحا بالذّات و هو لا ينافي وجوبه من باب المقدّمة بمعنى اللابديّة أن يجوز أن يكون الشيء مباحا بالذّات و لا يترتب على فعله ثواب و لا على تركه عقاب و لا لوم و يكون الإتيان به ممّا لا بد منه باعتبار كونه مقدّمة للواجب و ذلك مثل وضع السّلم للصّعود على السّطح المأمور به فإنّه مباح بالذّات لا يترتب على فعله ثواب و لا على تركه عقاب و لا لوم مع أنه لا يجوز تركه باعتبار توقف الإتيان بالمأمور به عليه و هذا اختيارنا و اختيار جماعة من المحققين في مقدّمات الواجبات التّي لم يرد أمر بخصوصها نعم إن قلنا بأن مقدمة الواجب واجبة بالوجوب الشّرعي بطل ما ذكر كما لا يخفى و لكن هذا القول ضعيف في الغاية بل الحق ما بيّناه و عليه لا يمكن الاستدلال بالرّواية على بطلان القول بوجوب ترك كل ما يحتمل حرمته و وجوب الإتيان بكل ما يحتمل وجوبه إذ من الظاهر أن هذا القائل لا يريد الوجوب بالذّات كوجوب الصلاة و الزّكاة بل الوجوب من باب المقدّمة لأنّه أوجب الاحتياط و من الظاهر أن وجوبه من هذه الجهة و من الظاهر أن الكلام في البحث مع هذا القائل و ليس

اسم الکتاب : القواعد و الفوائد و الاجتهاد و التقليد (مفاتيح الأصول) المؤلف : الطباطبائي المجاهد، السيد محمد    الجزء : 1  صفحة : 512
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست