responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : القواعد و الفوائد و الاجتهاد و التقليد (مفاتيح الأصول) المؤلف : الطباطبائي المجاهد، السيد محمد    الجزء : 1  صفحة : 509

ضرر و بالجملة كثرة الاحتياط تحصل بالإتيان به أربع مرّات أو خمس مرات و لا يترتب على هذا ضرر لأنا نقول نحن لا ندّعي أن مجرد الكثرة توجب ذلك بل نوع خاص منها يوجبه عادة خصوصا بالنّسبة إلى الأمزجة السّوداوية و منه الكثرة الحاصلة من الاحتياط في جميع المسائل الّتي انسدّ فيها طريق العلم و لا يقال لو كان الاحتياط في جميع تلك المسائل مستلزما للضّرر لكان حراما و هو باطل إذ الظاهر اتفاق الكلّ على رجحانه مطلقا لأنا نقول نمنع الملازمة إن سلّمنا بطلان التالي لأن لزوم الضّرر بفعل إنما يمنع من وجوبه لا من جوازه و استحبابه و فيه نظر و الأولى أن يقال إنّ الوسوسة التي هي الضّرر هنا لا يتحقق إلا مع اعتقاد وجوب الاحتياط إذ به يحصل الخوف لا مطلقا فتأمل و لو منع من جواز الاحتياط في جميع تلك المسائل حيث يظن الوقوع في الوسوسة كما هو الغالب لم ينكر و ليس الاحتياط حسنا عقلا مطلقا بل في بعض الصور و لو قيل إنه ينقسم إلى الواجب و المستحب و الحرام و المكروه و المباح عقلا لم يكن بعيدا و يمكن أن يدّعى أن الاحتياط في جميع تلك المسائل باعتبار استلزامه المفسدة المشار إليها من القسم الثالث و عليه فلا يجوز ارتكابه إذ كل ما هو قبيح عقلا فهو قبيح شرعا فهو دليل آخر على بطلان التّالي فتدبّر و منها أنه لو وجب الاحتياط في جميع المسائل التي انسدّ فيها طريق العلم لزم التكليف بما لا يطاق و التالي باطل فالمقدم مثله أما بطلان التّالي فواضح و أمّا الملازمة فلوجوه الأوّل أن تلك المسائل في غاية الكثرة بحيث لا تكاد تحصى فالاحتياط فيها يكون كثيرا بحسبها و لا يمكن تعلّق القدرة عادة بالإتيان بمثل هذا فيكون التكليف به تكليفا بما لا يطاق و قد أشار إلى هذا الشيخ الحرّ في الوسائل فقال لا يجب الاحتياط بمجرّد احتمال الوجوب بخلاف الشّك في التحريم فيجب الاحتياط فيه و لو وجب الاحتياط لزم تكليف ما لا يطاق إذ كثير من الأشياء يحتمل الوجوب الثاني ما أشار إليه جدي (قدس سره) و جمال الدّين الخوانساري من أن الاحتياط لا يتمكن منه في كثير من المقامات منها ما إذا دار الاحتمال فيه بين الوجوب و الحرمة كما في صلاة الجمعة كما صرّح به جمال الدّين الخوانساري (رحمه الله) فإن جماعة يذهبون إلى وجوبها عينا و أخرى إلى حرمتها و مثل هذا كثير في الغاية و منها ما إذا دار الاحتمال فيه بين كون الشّيء جزءا و مانعا بين كونه مصحّحا أو مفسدا و منها ما إذا دار الاحتمال فيه بين كون الملك الفلاني لولد زيد اليتيم أو لولد عمرو اليتيم و بالجملة المواضع الّتي لا يتمكن فيها من العمل بالاحتياط بوجه من الوجوه كثيرة لا تكاد تحصى لا يقال الفرض الّذي لا يتمكن فيه من العمل بالاحتياط فرض نادر فلا يلتفت إليه لأنا نقول النّدرة هنا غير قادحة إذ المفروض لزوم الإتيان بالاحتياط في جميع المسائل فإذا فرض عدم التمكن منه في بعض الفروض و لو كان نادرا بطل ذلك على أنه قد يدعى أغلبيّة هذا إذ ما من فعل من الأفعال الّتي لم يعلم حكمها بالضرورة من الدّين و المذهب إلا و يحتمل كونه واجبا و كونه حراما و كونه مصححا للعبادة و المعاملة و كونه مفسدا لهما ابتداء ثم بعد الفحص و الاجتهاد قد يحصل العلم ببطلان أحد الاحتمالين المتناقضين و هو قليل و قد لا يحصل ذلك و هو الأغلب نعم قد يحصل الظن بذلك و لكن معه لا يتمكن من تحصيل العلم بالبراءة اليقينية قطعا كما لا يتمكن من تحصيله فيما إذا تساوى الاحتمالان المشار إليهما نعم إذا حصل الظن بذلك أو دار الأمر بين الاحتمال الآخر الّذي لم يحصل الظن ببطلانه و احتمال غير ما ذكر كان الأولى مراعاة الاحتمال الأوّل فإذا احتمل كونه واجبا و كونه حراما مثلا ثم حصل الظن المعتبر شرعا بأنه ليس بحرام و احتمل أن يكون واجبا و مباحا كان مراعات احتمال الوجوب أولى و يسمّى هذا بالاحتياط و لكنّه ليس من الاحتياط المفروض و هو الذي يوجب العلم بحصول الامتثال فتأمل و حيث لم يتمكن في أكثر المقامات أو في بعضها من الاحتياط المحصّل للعلم بالخروج عن العهدة و لم يمكن أن يقال بسقوط التكليف حينئذ لأنّه إنكار للضروري من الدّين أو المذهب كإنكار سقوط التكليف بعد انسداد باب العلم كان اللاّزم العمل بالظن إذ المفروض أنه لا واسطة بين الأمرين و لما لم يقم دليل على اعتبار ظن بخصوصه هنا كان اللازم العمل بأقوى الظنون كائنا ما

كان إلا ما قام الدليل الشرعي على بطلانه و إذا كان اللازم مراعاة ما ذكر في هذه الصّورة كان اللاّزم مراعاته مطلقا و لو في صورة التمكن من تحصيل الاحتياط المحصّل للعلم بالخروج عن العهدة إذ كل من قال بأصالة حجيّة الظنّ في صورة قال بها مطلقا و من منعها في صورة منعها مطلقا فالقول بالفصل خرق للإجماع المركب فتأمل الثّالث ما ذكره في الغنية فإنه قال في مقام رفع التمسك بالاحتياط على كون الأمر للوجوب ما لفظه و قولهم إن ذلك أحوط في الدّين غير صحيح بل هو ضدّ الاحتياط لأنه يؤدي إلى أفعال قبيحة منها اعتقاد وجوب الفعل و منها العزم على أدائه على هذا الوجه و منها اعتقاد قبح تركه و ربّما قد كره هذا الترك و كل ذلك قبيح لأن كل من أقدم عليه يجوز قبحه لتجويزه كون المأمور به غير واجب و الإقدام على ما لا يؤمن قبحه في القبح كالإقدام على ما يقطع على ذلك فيه انتهى و فيه نظر

[القول في أن وجوب العمل بالاحتياط يوجب انسداد باب الاجتهاد]

و منها أنه لو وجب العمل بالاحتياط في جميع المسائل غير المعلوم حكمها لانسدّ طريق الاجتهاد و لزم بطلان طريقه و التالي باطل للأدلّة الدالّة على حقيّة طريقة المجتهدين فالمقدّم مثله

[القول في أن ذلك يوجب بطلان أصالة البراءة]

و منها أنه لو وجب العمل بالاحتياط في جميع تلك المسائل لبطل التمسك بأصالة البراءة و لا كانت حجّة شرعية و التالي باطل فالمقدم مثله أمّا

اسم الکتاب : القواعد و الفوائد و الاجتهاد و التقليد (مفاتيح الأصول) المؤلف : الطباطبائي المجاهد، السيد محمد    الجزء : 1  صفحة : 509
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست